ولما ظفر المهدي بعبد الجبار بغير تعب ولا مباشرة قتال كره المنصور أن تبطل تلك النفقات التي أنفق على المهدي ، فكتب إليه أن يغزو طبرستان ، وينزل الري ، ويوجه أبا الخصيب ، وخازم بن خزيمة ، والجنود إلى الأصبهبذ ، وكان الأصبهبذ يومئذ محاربا للمصمغان ، ملك دنباوند ، معسكرا بإزائه ، فلما بلغه دخول الجنود بلاده ودخول أبي الخصيب سارية قال المصمغان للأصبهبذ : متى قهروك صاروا إلي ، فاجتمعا على حرب المسلمين .
فانصرف الأصبهبذ إلى بلاده فحارب المسلمين ، فطالت تلك الحروب ، فوجه المنصور عمر بن العلاء إلى طبرستان ، وهو الذي يقول فيه بشار :
إذا أيقظتك حروب العدى فنبه لها عمرا ثم نم
.وكان عالما ببلاد طبرستان ، فأخذ الجنود وقصد الرويان وفتحها ، وأخذ قلعة الطاق وما فيها ، وطالت الحرب ، فألح خازم على القتال ففتح طبرستان ، وقتل منهم فأكثر ، وسار الأصبهبذ إلى قلعته فطلب الأمان على أن يسلم القلعة بما فيها من الذخائر .
وكتب المهدي بذلك إلى المنصور ، فوجه المنصور صالحا صاحب المصلى ، فأحصوا ما في الحصن وانصرفوا ، ودخل الأصبهبذ بلاد جيلان من الديلم ، فمات بها ، [ ص: 90 ] وأخذت ابنته ، وهي أم إبراهيم بن العباس بن محمد ، وقصدت الجنود بلد المصمغان فظفروا به وبالبحترية ، أم منصور بن المهدي .