ذكر موت   عبد الله بن علي   
وكان  المنصور  قد أحضر   عيسى بن موسى  بعد أن خلع نفسه ، وسلم إليه عمه   عبد الله بن علي  وأمره بقتله ، وقال له : إن الخلافة صائرة إليك بعد  المهدي  فاضرب عنقه ، وإياك أن تضعف فتنقض علي أمري الذي دبرته . 
ثم مضى إلى مكة  وكتب إلى  عيسى  من الطريق يستعلم منه ما فعل في الأمر الذي أمره ، فكتب  عيسى  في الجواب : قد أنفذت ما أمرت به ، فلم يشك أنه قتله . وكان  عيسى  حين أخذ  عبد الله  من عند  المنصور  دعا كاتبه  يونس بن فروة  وأخبره الخبر ، فقال : أراد أن تقتله ثم يقتلك لأنه أمر بقتله سرا ثم يدعيه عليك علانية ، فلا تقتله ولا تدفعه إليه سرا أبدا واكتم أمره . ففعل ذلك  عيسى     . 
فلما قدم  المنصور  وضع على أعمامه من يحركهم على الشفاعة في أخيهم  عبد الله  ، ففعلوا وشفعوا ، فشفعهم وقال  لعيسى     : إني كنت دفعت إليك عمي وعمك  عبد الله  ليكون في منزلك ، وقد كلمني عمومتك فيه ، وقد صفحت عنه فأتنا به . 
قال : يا أمير المؤمنين ألم تأمرني بقتله ؟ فقتلته ! قال : ما أمرتك ! قال : بلى أمرتني . قال : ما أمرتك إلا بحبسه وقد كذبت ! ثم قال  المنصور  لعمومته : إن هذا قد ( أقر لكم ) بقتل أخيكم قالوا : فادفعه إلينا نقيده به . فسلمه إليهم ، وخرجوا به إلى الرحبة  ، واجتمع الناس وشهر الأمر ، وقام أحدهم ليقتله ، فقال له  عيسى     : أفاعل أنت ؟ قال : إي والله ! قال : ردوني إلى أمير المؤمنين . فردوه إليه . 
فقال له : إنما أردت بقتله أن تقتلني . هذا عمك حي سوي . قال : ائتنا به . فأتاه به . قال : يدخل حتى أرى رأيي ، ثم انصرفوا ، ثم أمر به فجعل في بيت أساسه ملح وأجرى الماء في أساسه فسقط عليه ، فمات فدفن في مقابر باب الشام  ، فكان أول من دفن فيها ، وكان عمره اثنتين وخمسين سنة . 
قيل : ركب  المنصور  يوما ومعه  ابن عياش المنتوف  ، فقال له  المنصور     : تعرف ثلاثة خلفاء أسماؤهم على العين قتلت ثلاثة خوارج مبدأ أسمائهم على العين ؟ قال : لا أعرف إلا ما يقول العامة : إن  عليا  قتل  عثمان  ، وكذبوا ،  وعبد الملك  قتل  عبد الرحمن بن   [ ص: 153 ] الأشعث  ،   وعبد الله بن الزبير  قتل   عمرو بن سعيد  ،  وعبد الله بن علي  سقط عليه البيت . فقال  المنصور     : إذا سقط عليه فما ذنبي أنا ؟ قال : ما قلت إن لك ذنبا . 
قوله :  ابن الزبير  قتل   عمرو بن سعيد  ليس بصحيح ، إنما قتله  عبد الملك     . 
(  عياش  بالياء المثناة من تحت ، والشين المعجمة ) . 
				
						
						
