ذكر شقنا وخروجه بالأندلس ابتداء أمر
وفيها ثار في الشرق من الأندلس رجل من بربر مكناسة كان يعلم الصبيان ، وكان اسمه شقنا بن عبد الواحد ، وكانت أمه تسمى فاطمة ، وادعى أنه من ولد فاطمة ، عليها السلام ، ( ثم من ولد الحسين ، عليه السلام ) .
وتسمى بعبد الله بن محمد ، وسكن شنت برية ، واجتمع عليه خلق كثير من البربر ، وعظم أمره ، وسار إليه عبد الرحمن الأموي فلم يقف له وراغ في الجبال ، فكان إذا أمن انبسط ، وإذا خاف صعد الجبال بحيث يصعب طلبه .
[ ص: 174 ] فاستعمل عبد الرحمن على طليطلة حبيب بن عبد الملك ، فاستعمل حبيب على شنت برية سليمان بن عثمان بن مروان بن أبان بن عثمان بن عفان ، وأمره بطلب شقنا . فنزل شقنا إلى شنت برية وأخذ سليمان فقتله ، واشتد أمره ، وطار ذكره ، وغلب على ناحية قورية ، وأفسد في الأرض .
فعاد عبد الرحمن الأموي فغزاه في سنة اثنتين وخمسين ومائة بنفسه ، فلم يثبت له فأعياه أمره ، فعاد عنه وسير إليه سنة ثلاث وخمسين بدرا مولاه ، فهرب شقنا وأخلى حصنه شطران ، ثم غزاه عبد الرحمن الأموي بنفسه سنة أربع وخمسين ومائة ، فلم يثبت له شقنا .
ثم سير إليه سنة خمس وخمسين أبا عثمان عبيد الله بن عثمان ، فخدعه شقنا ، وأفسد عليه جنده ، فهرب عبيد الله ، وغنم شقنا عسكره ( وقتل جماعة من بني أمية كانوا في العسكر ) .
وفي سنة خمس وخمسين أيضا سار شقنا بعد أن غنم عسكر عبيد الله إلى حصن الهواريين المعروف بمدائن ، وبه عامل لعبد الرحمن ، فمكر به شقنا حتى خرج إليه ، فقتله شقنا وأخذ خيله وسلاحه وجميع ما كان معه ) .