[ ص: 331 ] 183
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين ومائة .
ذكر الخزر بلاد الإسلام غزو
وفيها خرج الخزر بسبب ابنة خاقان من باب الأبواب ، فأوقعوا بالمسلمين وأهل الذمة ، وسبوا أكثر من مائة ألف رأس ، وانتهكوا أمرا عظيما لم يسمع بمثله في الأرض ، فولى الرشيد أرمينية يزيد بن مزيد مضافا إلى أذربيجان ، ووجهه إليهم ، وأنزل خزيمة بن خازم نصيبين ردءا لأهل أرمينية .
وقيل : إن سبب خروجهم أن سعيد بن سلم قتل المنجم السلمي ، فدخل ابنه بلاد الخزر ، واستجاشهم على سعيد ، فخرجوا ودخلوا أرمينية من الثلمة ، فانهزم سعيد ، وأقاموا نحو سبعين يوما ، فوجه الرشيد خزيمة بن خازم ، ويزيد بن مزيد ، فأصلحا ما أفسد سعيد ، وأخرجا الخزر ، وسدا الثلمة .
ذكر عدة حوادث
وفيها الرشيد علي بن عيسى من خراسان ، ثم رده عليها من قبل ابنه المأمون ، وأمره بحرب استقدم أبي الخصيب .
وفيها خرج بنسا من خراسان أبو الخصيب وهيب بن عبد الله النسائي .
[ ص: 332 ] وحج بالناس العباس بن الهادي .
وفيها مات موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ببغداذ في حبس الرشيد .
وكان سبب حبسه أن الرشيد اعتمر في شهر رمضان من سنة تسع وسبعين ومائة ، فلما عاد إلى المدينة - على ساكنها السلام - دخل إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يزوره ، ومعه الناس ، فلما انتهى إلى القبر وقف فقال : السلام عليك يا رسول الله ، يابن عم ، افتخارا على من حوله ، فدنا موسى بن جعفر فقال : السلام عليك يا أبه . فتغير وجه الرشيد وقال : هذا الفخر يا أبا الحسن جدا . ثم أخذه معه إلى العراق ، فحبسه عند السندي بن شاهك ، ( وتولت حبسه أخت السندي بن شاهك ) ، وكانت تتدين ، فحكت عنه أنه كان إذا صلى العتمة حمد الله ومجده ودعاه إلى أن يزول الليل ، ثم يقوم فيصلي ، حتى يصلي الصبح ، ثم يذكر الله - تعالى - حتى تطلع الشمس ، ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى ، ثم يرقد ، ويستيقظ قبل الزوال ، ثم يتوضأ ويصلي ، حتى يصلي العصر ، ثم يذكر الله حتى يصلي المغرب ، ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة ، فكان هذا دأبه إلى أن مات .
وكانت إذا رأته قالت : خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل الصالح !
وكان يلقب بالكاظم ; لأنه كان يحسن إلى من يسيء إليه ، كان هذا عادته أبدا ، ولما كان محبوسا بعث إلى الرشيد برسالة أنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا ينقضي عنك معه يوم من الرخاء ، حتى ينقضيا جميعا إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون .
( وفيها كانت بالأندلس فتنة وحرب بين قائد كبير يقال له أبو عمران ، وبين بهلول بن مرزوق ، وهو من أعيان الأندلس ، وكان عبد الله البلنسي مع أبي عمران ، فانهزم [ ص: 333 ] أصحاب بهلول ، وقتل كثير منهم .
[ الوفيات ]
وفيها توفي يونس بن حبيب النحوي المشهور ، أخذ العلم عن وغيره ، وكان عمره قد زاد على مائة سنة ) . أبي عمرو بن العلاء
وفيها مات موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس .
. ومحمد بن صبيح أبو العباس المذكر ، المعروف بابن السماك
، توفي في شعبان ، وكان ثقة إلا أنه كان يصحف . وهشيم بن بشير الواسطي
[ ص: 334 ] بها ، وكان عمره ثلاثا وستين سنة . ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، قاضي المدائن
ويوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون .
( صبيح بفتح الصاد المهملة ، وكسر الباء الموحدة . وبشير بفتح الباء الموحدة ، وكسر الشين المعجمة ) .