ذكر الظفر بسهل بن سلامة
وفي هذه السنة ظفر إبراهيم بن المهدي بسهل بن سلامة المطوع ، فحبسه وعاقبه .
وكان سبب ظفره به أن سهلا كان مقيما ببغداذ يدعو إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فاجتمع إليه عامة أهل بغداذ ، فلما انهزم عيسى أقبل هو ومن معه نحو سهل بن سلامة ، لأنه كان يذكرهم بأقبح أعمالهم ، ويسميهم الفساق ، فقاتلوه أياما ، حتى صاروا إلى الدروب ، وأعطوا أصحابه الدراهم الكثيرة ، حتى تنحوا عن الدروب ، فأجابوا إلى ذلك .
فلما كان السبت لخمس بقين من شعبان ، قصدوه من كل وجه ، وخذله أهل الدروب لأجل الدراهم التي أخذوها ، حتى وصل عيسى وأصحابه إلى منزل سهل ، فاختفى منه ، واختلط بالنظارة ، فلم يروه في منزله ، فجعلوا عليه العيون ، فلما كان الليل أخذوه ، وأتوا به إسحاق بن الهادي ، فكلمه فقال : إنما كانت دعوتي عباسية ، وإنما كنت أدعو إلى العمل بالكتاب والسنة ، وأنا على ما كنت عليه أدعوكم إليه الساعة ، فقالوا له : اخرج إلى الناس فقل لهم : إن ما كنت عليه أدعوكم إليه باطل . فخرج فقال : أيها الناس ! قد علمتم ما كنت أدعوكم إليه ( من العمل بالكتاب والسنة ، وأنا أدعوكم إليه ) الساعة . فضربوه ، وقيدوه ، وشتموه ، وسيروه إلى إبراهيم بن المهدي بالمدائن ، فلما دخل عليه كلمه بما كلم به إسحاق بن الهادي ، فضربه ، وحبسه ، وأظهر أنه قتل خوفا من الناس ، لئلا يعلموا مكانه فيخرجوه ، وكان ما بين خروجه وقبضه اثنا عشر شهرا .