[ ص: 10 ] ذكر ابن بويه على أرجان وغيرها ، وملك مرداويج أصبهان استيلاء
لما بلغ خبر الوقعة إلى ، خاف عماد الدولة مرداويج بن بويه ، فشرع في إعمال الحيلة ، فراسله يعاتبه ويستميله ، ويطلب منه أن يظهر طاعته حتى يمده بالعساكر الكثيرة ; ليفتح بها البلاد ، ولا يكلفه سوى الخطبة له في البلاد التي يستولي عليها .
فلما سار الرسول ، جهز أخاه مرداويج وشمكير في جيش كثيف ليكبس ابن بويه ، وهو مطمئن إلى الرسالة التي تقدمت ، فعلم ابن بويه بذلك ، فرحل عن أصبهان بعد أن جباها شهرين ، وتوجه إلى أرجان ، وبها أبو بكر بن ياقوت ، فانهزم أبو بكر من غير قتال ، وقصد رامهرمز ، واستولى ابن بويه على أرجان في ذي الحجة ، ولما سار عن أصبهان دخلها وشمكير وعسكر أخيه وملكوها ، فلما سمع مرداويج القاهر أرسل إلى قبل خلعه ليمنع أخاه عن مرداويج أصبهان ويسلمها إلى محمد بن ياقوت ، ففعل ذلك ووليها محمد .
وأما ابن بويه فإنه لما ملك أرجان ، استخرج منها أموالا فقوي بها ، ووردت عليه كتب أبي طالب زيد بن علي النوبندجاني يستدعيه ، ( ويشير عليه ) بالمسير إلى شيراز ، ويهون عليه أمر ياقوت وأصحابه ، ويعرفه تهوره ، واشتغاله بجباية الأموال ، وكثرة مئونته ومئونة أصحابه ، وثقل وطأتهم على الناس ، مع فشلهم وجبنهم ، فخاف ابن بويه أن يقصد ياقوتا مع كثرة عساكره وأمواله ، ويحصل بين ياقوت وولده ، فلم يقبل مشورته ، ولم يبرح من مكانه ، فعاد أبو طالب وكتب إليه يشجعه ، ويعلمه أن قد كتب إلى مرداويج ياقوت يطلب مصالحته ، فإن تم ذلك اجتمعا على محاربته ، ولم يكن له بهما طاقة ، ويقول له : إن الرأي لمن كان في مثل حاله أن يعاجل من بين يديه ، ولا ينتظر بهم الاجتماع والكثرة ، وأن يحدقوا به من كل جانب ، فإنه إذا هزم من بين يديه ، خافه الباقون ، ولم يقدموا عليه .
ولم يزل أبو طالب يراسله إلى أن سار نحو النوبندجان في ربيع الآخر سنة إحدى [ ص: 11 ] وعشرين وثلاثمائة ، وقد سبقه إليهما مقدمة ياقوت في نحو ألفي فارس من شجعان أصحابه ، فلما وافاهم ابن بويه ، لم يثبتوا له لما لقيهم ، وانهزموا إلى كركان ، وجاءهم ياقوت في جميع أصحابه إلى هذا الموضع ، وتقدم أبو طالب إلى وكلائه بالنوبندجان بخدمة ابن بويه ، والقيام بما يحتاج إليه ، وتنحى هو عن البلد إلى بعض القرى ، حتى لا يعتقد فيه المواطأة له ، فكان مبلغ ما خسر عليه في أربعين يوما مقدار مائتي ألف دينار .
وأنفذ عماد الدولة أخاه ركن الدولة الحسن إلى كازرون وغيرها من أعمال فارس ، فاستخرج منها أموالا جليلة ، فأنفذ ياقوت عسكرا إلى كازرون ، فواقعهم ركن الدولة ، فهزمهم وهو في نفر يسير ، وعاد غانما سالما إلى أخيه .
ثم إن عماد الدولة انتهى إليه مراسلة وأخيه مرداويج وشمكير إلى ياقوت ومراسلته إليهما ، فخاف اجتماعهم ، فسار من النوبندجان إلى إصطخر ثم إلى البيضاء ، وياقوت يتبعه ، وانتهى إلى قنطرة على طريق كرمان ، فسبقه ياقوت إليها ، ومنعه من عبورها ، واضطر إلى الحرب ، وذلك في آخر سنة إحدى وعشرين [ وثلاثمائة ] .
ودخلت سنة اثنتين وعشرين [ وثلاثمائة ]