ذكر المستكفي بالله خلع
وفي هذه السنة خلع المستكفي بالله لثمان بقين من جمادى الآخرة .
وكان سبب ذلك أن علما القهرمانة صنعت دعوة ، حضرها جماعة من قواد الديلم والأتراك ، فاتهمها معز الدولة أنها فعلت ذلك لتأخذ عليهم البيعة للمستكفي ويزيلوا معز الدولة ، فساء ظنه لذلك لما رأى من إقدام علم ، وحضر أصفهدوست عند معز الدولة ، وقال : قد راسلني الخليفة في أن ألقاه متنكرا .
فلما مضى اثنان وعشرون يوما من جمادى الآخرة ، حضر معز الدولة والناس عند الخليفة ، وحضر رسول صاحب خراسان ، ومعز الدولة جالس ، ثم حضر رجلا من نقباء الديلم يصيحان ، فتناولا يد المستكفي بالله ، فظن أنهما يريدان تقبيلها ، ( فمدها إليهما ) ، فجذباه عن سريره ، وجعلا عمامته في حلقه ، ونهض معز الدولة ، واضطرب الناس ، ونهبت الأموال ، وساق الديلميان المستكفي بالله ماشيا إلى دار معز الدولة ، فاعتقل بها ، ونهبت دار الخلافة حتى لم يبق بها شيء ، [ ص: 159 ] وقبض على أبي أحمد الشيرازي كاتب المستكفي ، وأخذت علم القهرمانة فقطع لسانها .
وكانت مدة خلافة المستكفي سنة واحدة وأربعة أشهر ، وما زال مغلوبا على أمره مع توزون وابن شيرزاد ، ولما بويع المطيع لله ، سلم إليه المستكفي ، فسمله وأعماه ، وبقي محبوسا إلى أن مات ( في ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وكان مولده ثالث عشر صفر سنة ) ست وتسعين ومائتين ، وأمه أم ولد اسمها غصن .
وكان أبيض ، حسن الوجه ، قد وخطه الشيب .