[ ص: 163 ] ذكر أقطاع البلاد وتخريبها
فيها شغب الجند على ، وأسمعوه المكروه ، فضمن لهم إيصال أرزاقهم في مدة ذكرها لهم ، فاضطر إلى خبط الناس ، وأخذ الأموال من غير وجوهها ، وأقطع قواده وأصحابه القرى جميعها التي للسلطان وأصحاب الأملاك ، فبطل لذلك أكثر الدواوين ، وزالت أيدي العمال ، وكانت البلاد قد خربت من الاختلاف ، والغلاء ، والنهب ، فأخذ قواده القرى العامرة ، وزادت عمارتها معهم ، وتوفر دخلها بسبب الجاه ، فلم يمكن معز الدولة بن بويه معز الدولة العود عليهم بذلك .
وأما الأتباع فإن الذي أخذوه ازداد خرابا ، فردوه وطلبوا العوض عنه ، فعوضوا ، وترك الأجناد الاهتمام بمشارب القرى وتسوية طرقها ، فهلكت وبطل الكثير منها .
وأخذ غلمان المقطعين في ظلم وتحصيل العاجل ، فكان أحدهم إذا عجز الحاصل تممه ( بمصادراتها ) .
ثم إن معز الدولة فوض حماية كل موضع إلى بعض أكابر أصحابه فاتخذه مسكنا وأطمعه ، فاجتمع إليهم الإخوة ، وصار القواد يدعون الخسارة في الحاصل ، فلا يقدر وزيره ولا غيره على تحقيق ذلك ، فإن اعترضهم معترض صاروا أعداء له ، فتركوا وما يريدون ، فازداد طمعهم ، ولم يقفوا عند غاية ، فتعذر على معز الدولة جمع ذخيرة تكون للنوائب والحوادث ، وأكثر من إعطاء غلمانه الأتراك والزيادة لهم في الأقطاع ، فحسدهم الديلم وتولد من ذلك الوحشة والمنافرة ، فكان من ذلك ما نذكره .