ذكر ورد الرومي وما صار أمره إليه ودخول الروس في النصرانية الإفراج عن
في هذه السنة أفرج صمصام الدولة عن ورد الرومي ، وقد تقدم ذكر حبسه . فلما كان الآن أفرج عنه وأطلقه ، وشرط عليه إطلاق عدد كثير من أسارى المسلمين ، [ ص: 410 ] وأن يسلم إليه سبعة حصون من بلد الروم برساتيقها ، وأن لا يقصد بلاد الإسلام هو ولا أحد من أصحابه ما عاش ، وجهزه بما يحتاج إليه من مال وغيره ، فسار إلى بلاد الروم ، واستمال في طريقه خلقا كثيرا من البوادي وغيرهم ، وأطمعهم في العطاء والغنيمة ، وسار حتى نزل بملطية ، فتسلمها ، وقوي بها وبما فيها من مال وغيره .
وقصد ورديس بن لاون ، فتراسلا ، واستقر الأمر بينهما على أن تكون القسطنطينية ، وما جاورها من شمالي الخليج ، لورديس . وهذا الجانب من الخليج لورد ، وتحالفا واجتمعا ، فقبض ورديس على ورد وحبسه ، ثم إنه ندم فأطلقه عن قريب ، وعبر ورديس الخليج ، وحصر القسطنطينية وبها الملكان ابنا أرمانوس ، وهما بسيل وقسطنطين ، وضيق عليهما ، فراسلا ملك الروسية ، واستنجداه وزوجاه بأخت لهما ، فامتنعت من تسليم نفسها إلى من يخالفها في الدين ، فتنصر ، وكان هذا أول النصرانية بالروس ، وتزوجها وسار إلى لقاء ورديس ، فاقتتلوا وتحاربوا فقتل ورديس ، واستقر الملكان في ملكهما ، وراسلا وردا وأقراه على ما بيده ، فبقي مديدة ومات ، وقيل : إنه مات مسموما .
وتقدم بسيل في الملك ، وكان شجاعا عادلا ، وحسن الرأي ، ودام ملكه ، وحارب البلغار خمسا وثلاثين سنة ، وظفر بهم ، وأجلى كثيرا منهم من بلادهم ، وأسكنها الروم ، وكان كثير الإحسان إلى المسلمين والميل إليهم .