ذكر إلى القادر بالله البطيحة هرب
في هذه السنة هرب من القادر بالله الطائع لله إلى البطيحة فاحتمى فيها .
وكان سبب ذلك أن إسحاق بن المقتدر والد القادر لما توفي جرى بين القادر [ ص: 430 ] وبين أخت له منازعة في ضيعة طال الأمر بينهما . ثم إن الطائع لله مرض مرضا أشفى منه ، ثم أبل ، فسعت إليه بأخيه القادر وقالت له : إنه شرع في طلب الخلافة عند مرضك فتغير رأيه فيه ، فأنفذ أبا الحسن بن النعمان وغيره للقبض عليه ، وكان بالحريم الطاهري ، فأصعدوا في الماء إليه .
وكان القادر قد رأى في منامه كأن رجلا يقرأ عليه : ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) فهو يحكي هذا المنام لأهله ويقول : أنا خائف من طالب يطلبني ووصل أصحاب الطائع لله إليه واستدعوه ، فأراد لبس ثيابه ، فلم يمكنوه من مفارقتهم ، فأخذه النساء منهم قهرا ، وخرج عن داره واستتر ، ثم سار إلى البطيحة ، فنزل على مهذب الدولة ، فأكرم نزله ، ووسع عليه ، وحفظه ، وبالغ في خدمته ، ولم يزل عنده إلى أن أتته الخلافة ، فلما وليها جعل علامته : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) .