ذكر جبرئيل دقوقا ملك
في هذه السنة ملك جبرئيل بن محمد دقوقا . وجبرئيل هذا كان من الرجالة [ ص: 494 ] الفرس ببغداذ ، وخدم مهذب الدولة بالبطيحة ، فهم بالغزو ، وجمع جمعا كثيرا ، واشترى السلاح وسار فاجتاز في طريقه بدقوقا ، فوجد يحاصرها ، فاستغاث أهلها المقلد بن المسيب بجبرئيل فحماهم ومنع عنهم .
وكان بدقوقا رجلان نصرانيان قد تمكنا في البلد ، وحكما فيه ، واستعبدا أهله ، فاجتمع جماعة من المسلمين إلى جبرئيل وقالوا له : إنك تريد الغزو ، ولست تدري أتبلغ غرضا أم لا ، وعندنا من هذين النصرانيين من قد تعبدنا ، وحكم علينا ، فلو أقمت عندنا ، وكفيتنا أمرهما ، ساعدناك على ذلك . فأقام وقبض عليهما ، وأخذ مالهما ، وقوي أمره ، فملك البلد في شهر ربيع الأول ، وثبت قدمه ، وأحسن معاملة أهل البلد ، وعدل فيهم ، وبقي مدة على اختلاف الأحوال .
ثم ملكها المقلد ، وملكها بعده محمد بن عناز ، ثم أخذها بعده قرواش ، ثم انتقلت إلى فخر الدولة أبي غالب ، فعاد جبرئيل هذا حينئذ إلى دقوقا ، واجتمع مع أمير من الأكراد يقال له موصك بن جكويه ، ودفعا عمال فخر الدولة عنها وأخذاها ، فقصدها بدران بن المقلد وغلبهما وأخذها منهما .