ذكر انقراض دولة السامانية وملك الترك  ما وراء النهر  
في هذه السنة انقرضت دولة آل سامان  على يد   محمود بن سبكتكين  ،  وأيلك الخان التركي  ، واسمه  أبو نصر أحمد بن علي ، ولقبه شمس الدولة     . 
فأما  محمود  فإنه ملك خراسان  ، كما ذكرناه ، وبقي بيد  عبد الملك بن نوح  ما وراء النهر ، فلما انهزم من  محمود  قصد بخارى  واجتمع بها هو  وفائق  وبكتوزون  وغيرهما من الأمراء والأكابر ، فقويت نفوسهم ، وشرعوا في جمع العساكر ، وعزموا على العود إلى خراسان  ، فاتفق أن مات  فائق  ، وكان موته في شعبان من هذه السنة ، فلما مات ضعفت نفوسهم ، ووهنت قوتهم ، فإنه كان هو المشار إليه من بينهم ، وكان خصيا من موالي  نوح بن نصر     . 
وبلغ خبرهم إلى  أيلك الخان  ، فسار في جمع الأتراك  إلى بخارى  ، وأظهر  لعبد الملك  المودة والموالاة ، والحمية له ، فظنوه صادقا ، ولم يحترسوا منه ، وخرج إليه  بكتوزون  وغيره من الأمراء والقواد ، فلما اجتمعوا قبض عليهم ، وسار حتى دخل بخارى  يوم الثلاثاء عاشر ذي القعدة من هذه السنة ، فلم يدر  عبد الملك  ما يصنع لقلة عدده ، فاختفى ونزل  أيلك الخان  دار الإمارة ، وبث الطلب والعيون على  عبد الملك  ، حتى ظفر به ، فأودعه بافكند  فمات بها ، وكان آخر ملوك السامانية ، وانتقضت دولتهم على يده كأن لم تغن بالأمس ، كدأب الدول قبلها ، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار . وحبس معه أخوه  أبو الحرث منصور بن نوح  الذي كان في الملك قبله ، وأخواه  أبو إبراهيم إسماعيل  ،  وأبو يعقوب ابنا نوح  ، وعماه  أبو زكرياء  وأبو سليمان  ، وغيرهم من آل سامان  ، وأفرد كل واحد منهم في حجرة . 
 [ ص: 506 ] وكانت دولتهم قد انتشرت وطبقت كثيرا من الأرض من حدود حلوان  إلى بلاد الترك  ، بما وراء النهر ، وكانت من أحسن الدول سيرة وعدلا ،  وعبد الملك  هذا هو  عبد الملك بن نوح بن منصور بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل  كلهم ملكوا ، وكان منهم من ليس مذكورا في هذا النسب ،  وعبد الملك بن نوح بن نصر  ملك قبل أخيه  منصور بن نوح  المذكور ، وكان منهم أيضا  منصور بن نوح بن منصور  أخو  عبد الملك  هذا الأخير الذي زال الملك في ولايته ولي قبله . 
				
						
						
