ذكر أيلك الخان إلى خراسان عبور عسكر
كان يمين الدولة لما استقر له ملك خراسان ، وملك أيلك الخان ما وراء النهر ، قد راسله ووافقه ، وتزوج ابنته وانعقدت بينهما مصاهرة ومصالحة ، فلم تزل السعادة حتى أفسدوا ذات بينهما ، وكتم أيلك الخان ما في نفسه ، فلما سار يمين الدولة إلى المولتان اغتنم أيلك الخان خلو خراسان ، فسير سباشي تكين ، صاحب جيشه في هذه السنة ، إلى خراسان في معظم جنده ، وسير أخاه جعفر تكين إلى بلخ في عدة من الأمراء .
[ ص: 543 ] وكان يمين الدولة قد جعل بهراة أميرا من أكابر أمرائه يقال له : أرسلان الجاذب . فأمره إذا ظهر عليه مخالف أن ينحاز إلى غزنة . فلما عبر سباشي تكين إلى خراسان سار أرسلان إلى غزنة ، وملك سباشي هراة وأقام بها ، وأرسل إلى نيسابور من استولى عليها . واتصلت الأخبار بيمين الدولة ، وهو بالهند ، فرجع إلى غزنة لا يلوي على دار ، ولا يركن إلى قرار ، فلما بلغها فرق في عساكره الأموال ، وقواهم ، وأصلح ما أراد إصلاحه ، واستمد الأتراك الخلجية ، فجاءه منهم خلق كثير ، وسار بهم نحو بلخ ، وبها جعفر تكين أخو أيلك الخان ، فعبر إلى ترمذ ، ونزل يمين الدولة ببلخ ، وسير العساكر إلى سباشي تكين بهراة ، فلما قاربوه سار نحو مرو ليعبر النهر ، فلقيه التركمان الغزية ، فقاتلوه فهزمهم وقتل منهم مقتلة عظيمة .
ثم سار نحو أبيورد لتعذر العبور عليه ، فتبعه عسكر يمين الدولة ، كلما رحل نزلوا ، حتى ساقه الخوف من الطلب إلى جرجان فأخرج عنها ، ثم عاد إلى خراسان ، فعارضه يمين الدولة ، فمنعه عن مقصده ، وأسر أخو سباشي تكين وجماعة من قواده ، ونجا هو في خف من أصحابه ، فعبر النهر .
وكان أيلك الخان قد عبر أخاه جعفر تكين إلى بلخ ليلفت يمين الدولة عن طلب سباشي ، فلم يرجع ، وجعل دأبه إخراج سباشي من خراسان ، فلما أخرجه عنها عاد إلى بلخ ، فانهزم من كان بها مع جعفر تكين ، وسلمت خراسان ليمين الدولة .