ذكر أبي العباس بن واصل قتل
في هذه السنة قتل أبو العباس بن واصل صاحب البصرة ، وقد تقدم ذكر ابتداء حاله ، وارتفاعه ، واستيلائه على البطيحة ، وما أخذه من الأموال ، وما هزم من جيوش السلطان ، وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه .
فلما عظم أمره سار بهاء الدولة من فارس إلى الأهواز ليحفظ خوزستان منه ، وكان في البطائح مقابل عميد الجيوش ، فلما فرغ منه سار إلى الأهواز ، وبها بهاء الدولة ، فملكها على ما ذكرناه ، ( وعاد عنها على صلح مع بهاء الدولة إلى البصرة ، وقد ذكرناه ) أيضا .
[ ص: 548 ] ثم تجدد ما أوجب عوده إلى الأهواز ، فعاد إليها في جيشه ، وبهاء الدولة مقيم بها ، فلما قاربها رحل بهاء الدولة عنها لقلة عسكره ، وتفرقهم : بعضهم بفارس ، وبعضهم بالعراق ، وقطع قنطرة أربق ، وبقي النهر يحجز بين الفريقين ، فاستولى أبو العباس على الأهواز ، وأتاه مدد من بدر بن حسنويه ثلاثة آلاف فارس ، فقوي بهم .
وعزم بهاء الدولة على العود إلى فارس ، فمنعه أصحابه فأصلح أبو العباس القنطرة ، وجرى بين العسكرين قتال شديد دام إلى السحر ، ثم عبر أبو العباس على القنطرة بعد أن أصلحها ، والتقى العسكران واشتد القتال ، فانهزم أبو العباس ، وقتل من أصحابه كثير ، وعاد إلى البصرة مهزوما منتصف رمضان سنة ست وتسعين وثلاثمائة .
فلما عاد منهزما جهز بهاء الدولة إليه العساكر مع وزيره أبي غالب ، فسار إليه ، ونزل عليه محاصرا له ، وجرى بين العسكرين القتال ، وضاق الأمر على الوزير ، وقل المال عنده ، واستمد بهاء الدولة فلم يمده
ثم إن أبا العباس جمع سفنه وعساكره ، وأصعد إلى عسكر الوزير ، وهجم عليه ، فانهزم الوزير ، وكاد يتم على الهزيمة ، فاستوقفه بعض الديلم وثبته ، وحملوا على أبي العباس فانهزم هو وأصحابه ، وأخذ الوزير سفنه ، فاستأمن إليه كثير من أصحابه .
ومضى أبو العباس منهزما ، وركب مع حسان بن ثمال الخفاجي هاربا إلى الكوفة ، ودخل الوزير البصرة ، وكتب إلى بهاء الدولة بالفتح .
ثم إن ( أبا العباس ) سار من الكوفة ، وقطع دجلة ، ومضى عازما على اللحاق ببدر بن حسنويه ، فبلغ خانقين ، وبها جعفر بن العوام في طاعة بدر ، فأنزله وأكرمه ، وأشار عليه بالمسير في وقته ، وحذره الطلب ، فاعتل بالتعب ، وطلب الاستراحة ، ونام ، وبلغ خبره إلى أبي الفتح بن عناز ، وهو في طاعة بهاء الدولة ، وكان قريبا منهم ، فسار إليهم بخانقين ، وهو بها ، فحصره وأخذه وسار به إلى بغداذ ، فسيره عميد الجيوش إلى بهاء الدولة ، فلقيهم في الطريق قاصد من بهاء الدولة يأمر بقتله ، فقتل وحمل رأسه إلى بهاء الدولة ، وطيف به بخوزستان وفارس ، وكان بواسط عاشر صفر .