ذكر عميد الجيوش وولاية فخر الملك العراق وفاة
في هذه السنة توفي عميد الجيوش أبو علي بن أستاذ هرمز ببغداذ ، وكانت [ ص: 573 ] ولايته ثماني سنين وأربعة أشهر وسبعة عشر يوما ، وكان عمره تسعا وأربعين سنة ، وتولى تجهيزه ودفنه ، دفنه بمقابر الشريف الرضي قريش ، ورثاه الرضي وغيره .
وكان أبوه ، أبو جعفر أستاذ هرمز ، من حجاب عضد الدولة ، وجعل عضد الدولة عميد الجيوش في خدمة ابنه صمصام الدولة ، فلما قتل اتصل بخدمة بهاء الدولة . فلما استولى الخراب على بغداذ ، وظهر العيارون ، وانحلت الأمور بها ، أرسله إليها ، فأصلح الأمور ، وقمع المفسدين وقتلهم . فلما مات استعمل بهاء الدولة مكانه بالعراق فخر الملك أبا غالب ، فأصعد إلى بغداذ ، فلقيه الكتاب والقواد وأعيان الناس ، وزينوا له البلاد ، ووصل بغداذ في ذي الحجة ، ومدحه مهيار وغيره من الشعراء .
ومن محاسن أعمال عميد الجيوش أنه حمل إليه مال كثير قد خلفه بعض التجار المصريين ، وقيل له : ليس للميت وارث فقال : لا يدخل خزانة السلطان ما ليس لها ، يترك إلى أن يصح خبره . فلما كان بعد مدة جاء أخ للميت بكتاب من مصر بأنه مستحق للتركة ، فقصد باب عميد الجيوش ليوصل الكتاب ، فرآه يصلي على روشن داره فظنه بعض الحجاب ، فأوصل الكتاب إليه فقضى حاجته ، فلما علم التاجر أن الذي أخذ الكتاب كان عميد الجيوش عظم الأمر عنده ، فأظهر ذلك فاستحسنه الناس ، ولما وصل التاجر إلى مصر أظهر الدعاء له ، فضج الناس بالدعاء له والثناء عليه ، فبلغه الخبر فسره ذلك .