[ ص: 623 ] ذكر يحيى العلوي إلى قرطبة وقتله عود
لما مات أبو عبد الرحمن الأموي ، وصح عند أهل قرطبة خبر موته ، سعى معهم بعض أهلها ليعيدوه إلى الخلافة ، وكان ليحيى بن علي بن حمود العلوي بمالقة يخطب لنفسه بالخلافة ، فكتبوا إليه وخاطبوه بالخلافة ، وخطبوا له في رمضان سنة ست عشرة وأربعمائة ، فأجابهم إلى ذلك ، وأرسل إليهم عبد الرحمن بن عطاف اليفرني واليا عليهم ، ولم يحضر هو باختياره ، فبقي عبد الرحمن فيها إلى محرم سنة سبع عشرة ، فسار إليه مجاهد ، وخيران العامريان ، في ربيع الأول منها ، في جيش كثير ، فلما قاربوا قرطبة ثار أهلها بعبد الرحمن ، فأخرجوه ، وقتلوا من أصحابه جماعة كثيرة ، ونجا الباقون .
وأقام خيران ومجاهد بها نحو شهر ، ثم اختلفا ، فخاف كل واحد منهما صاحبه ، فعاد خيران عن قرطبة لسبع بقين من ربيع الآخر من السنة إلى المرية ، وبقي بها إلى سنة ثماني عشرة وتوفي ، وقيل سنة تسع عشرة ، وصارت المرية بعده لصاحبه زهير العامري ، فخالف حبوس بن ماكسن الصنهاجي البربري وأخوه على طاعة ، وبقي يحيى بن علي العلوي مجاهد مدة ثم سار إلى دانية ، وقطعت خطبة يحيى منها ، وأعيدت خطبة الأمويين ، على ما نذكره فيما بعد إن شاء الله ، وبقي يتردد عليها بالعساكر ، واتفق البربر على طاعته ، وسلموا إليه ما بأيديهم من الحصون والمدن ، فقوي وعظم شأنه وبقي كذلك مدة .
ثم سار إلى قرمونة ، فأقام بها محاصرا لإشبيلية ، طامعا في أخذها ، فأتاه الخبر يوما أن خيلا لأهل إشبيلية قد أخرجها القاضي أبو القاسم بن عباد إلى نواحي قرمونة ، فركب إليهم ولقيهم ، وقد كمنوا له ، فلم يكن بأسرع من أن قتل ، وذلك في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة ، وخلف من الولد الحسن وإدريس لأمي ولد ، وكان أسمر [ ص: 624 ] أعين ، أكحل ، طويل الظهر ، قصير الساقين ، وقورا ، هينا ، لينا ، وكان عمره اثنتين وأربعين سنة ، وأمه بربرية .