ذكر ولاية  يحيى بن محمد  الموصل   وما قيل فيها 
وفي هذه السنة استعمل   السفاح  أخاه  يحيى بن محمد  على الموصل  عوض محمد بن صول     . 
وكان سبب ذلك أن أهل الموصل  امتنعوا من طاعة  محمد بن صول  ، وقالوا : يلي علينا  مولى الخثعم  ، وأخرجوه عنهم . فكتب إلى   السفاح  بذلك ، واستعمل عليهم أخاه  يحيى بن محمد  وسيره إليها في اثني عشر ألف رجل . 
فنزل قصر الإمارة مجانب مسجد الجامع ، ولم يظهر لأهل الموصل  شيئا ينكرونه ، ولم يعترضهم فيما يفعلونه ، ثم   [ ص: 34 ] دعاهم فقتل منهم اثني عشر رجلا ، فنفر أهل البلد وحملوا السلاح ، فأعطاهم الأمان ، وأمر فنودي : من دخل الجامع فهو آمن ، فأتاه الناس يهرعون إليه ، فأقام  يحيى  الرجال على أبواب الجامع ، فقتلوا الناس قتلا ذريعا أسرفوا فيه ، فقيل : إنه قتل فيه أحد عشر ألفا ممن له خاتم وممن ليس له خاتم خلقا كثيرا . 
فلما كان الليل سمع  يحيى  صراخ النساء اللاتي قتل رجالهن ، فسأل عن ذلك الصوت ، فأخبر به ، فقال : إذا كان الغد فاقتلوا النساء والصبيان . ففعلوا ذلك ، وقتل منهم ثلاثة أيام ، وكان في عسكره قائد معه أربعة آلاف زنجي ، فأخذوا النساء قهرا . 
فلما فرغ  يحيى  من قتل أهل الموصل  في اليوم الثالث ركب اليوم الرابع ، وبين يديه الحراب والسيوف المسلولة ، فاعترضته امرأة وأخذت بعنان دابته ، فأراد أصحابه قتلها فنهاهم عن ذلك ، فقالت له : ألست من بني هاشم  ؟ ألست ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ أما تأنف للعربيات المسلمات أن ينكحهن الزنج ؟ فأمسك عن جوابها ، وسير معها من يبلغها مأمنها ، وقد عمل كلامها فيه . فلما كان الغد جمع الزنج للعطاء ، فاجتمعوا ، فأمر بهم فقتلوا عن آخرهم . 
وقيل : كان السبب في قتل أهل الموصل  ما ظهر منهم من محبة بني أمية  ، وكراهة بني العباس  ، وأن امرأة غسلت رأسها وألقت الخطمي من السطح فوقع على رأس بعض الخراسانية ، فظنها فعلت ذلك تعمدا ، فهاجم الدار ، وقتل أهلها ، فثار أهل البلد وقتلوه ، وثارت الفتنة . 
وفيمن قتل  معروف بن أبي معروف  ، وكان زاهدا عابدا ، وقد أدرك كثيرا من الصحابة وروى عنهم . 
				
						
						
