وإذا كان كذلك :
nindex.php?page=treesubj&link=16374فالحلف بالنذر والطلاق ونحوهما هو حلف بصفات الله ، فإنه إذا قال : إن فعلت كذا فعلي الحج ، فقد حلف بإيجاب الحج عليه ، وإيجاب الحج حكم من أحكام الله ، وهو من صفاته ، وكذلك لو قال : فعلي تحرير رقبة . وإذا قال : فامرأتي طالق ، وعبدي حر ، فقد حلف بإزالة ملكه الذي هو تحريمه عليه ، والتحريم من صفات الله ، كما أن الإيجاب من صفات الله . وقد جعل الله ذلك من آياته في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231ولا تتخذوا آيات الله هزوا [ البقرة : 231] فجعل حدوده في النكاح والطلاق والخلع من آياته ، لكنه إذا حلف بالإيجاب والتحريم فقد عقد اليمين لله ، كما يعقد النذر لله ، فإن قوله : علي الحج والصوم عقد لله ، ولكن إذا كان حالفا به فهو لم يقصد العقد لله ، بل قصد الحلف به . فإذا حنث ولم يف به فقد ترك ما عقده لله ، كما أنه إذا فعل المحلوف فقد ترك ما عقده بالله .
يوضح ذلك : أنه إذا حلف بالله أو بغير الله مما يعظمه
[ ص: 336 ] بالحلف ، فإنما حلف به ليعقد به المحلوف عليه ويربطه ؛ لأنه لعظمته في قلبه إذا ربط به شيئا لم يحله . فإذا حل ما ربطه به فقد [ انتقصت ] عظمته في قلبه ، وقطع السبب الذي بينه وبينه كما قال بعضهم : اليمين : العقد على نفسه لحق من له حق . ولهذا إذا كانت اليمين غموسا كانت من الكبائر الموجبة للنار ، كما قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=77إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم [ آل عمران ] ، وذكرها - صلى الله عليه وسلم - في عد الكبائر فيما روى الإمام أحمد في المسند عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004121خمس ليس لهن كفارة : الشرك بالله ، وقتل النفس بغير حق ، وبهت مؤمن ، والفرار يوم الزحف ، ويمين صابرة يقطع بها مالا بغير حق " .
وذلك : لأنه إذا تعمد أن يعقد بالله ما ليس منعقدا به ، فقد نقص الصلة التي بينه وبين ربه ، بمنزلة من أخبر عن الله بما هو منزه عنه ، أو تبرأ من الله ، بخلاف ما إذا حلف على المستقبل فإنه عقد بالله فعلا قاصدا لعقده على وجه التعظيم لله ، لكن أباح الله له حل هذا العقد الذي عقده به ، كما يبيح له ترك بعض الواجبات لحاجة ، أو يزيل عنه وجوبها . ولهذا قال أكثر أهل العلم : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=16378_16418قال : هو يهودي أو نصراني إن لم يفعل كذا ، فهي يمين ، بمنزلة قوله : والله لأفعلن ، لأنه ربط عدم الفعل بكفره الذي هو براءته من الله ، فيكون
[ ص: 337 ] قد ربط الفعل بإيمانه بالله . هذا هو حقيقة الحلف بالله . فربط الفعل بأحكام الله - من الإيجاب أو التحريم - أدنى حالا من ربطه بالله .
يوضح ذلك : أنه إذا عقد اليمين بالله فهو عقد لها بإيمانه بالله ، وهو ما في قلبه من إجلال الله وإكرامه ، الذي هو [ حق ] الله ومثله الأعلى في السماوات والأرض ، كما أنه إذا سبح الله وذكره فهو مسبح له وذاكر له بقدر ما في قلبه من معرفته وعبادته . ولذلك جاء التسبيح تارة لاسم الله ، كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سبح اسم ربك الأعلى [ الأعلى ] ، كما أن الذكر يكون تارة لاسم الله ، كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا [ الإنسان : 25 ] ، وكذلك الذكر مع التسبيح في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا [ الأحزاب ] ، فحيث عظم العبد ربه بتسبيح اسمه ، أو الحلف به ، أو الاستعاذة به ، فهو مسبح له بتوسط المثل الأعلى الذي في قلبه ، من معرفته وعبادته وعظمته ومحبته ، علما وقصدا وإجلالا وإكراما . وحكم الإيمان والكفر إنما يعود إلى ما كسبه قلبه من ذلك ، كما قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم [ البقرة : 22 ] ، وكما قال في موضع آخر :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان [ المائدة : 89 ] .
فلو اعتبر الشارع ما في لفظ القسم من انعقاده بالإيمان وارتباطه به دون قصد الحلف لكان موجبه أنه إذا حنث يتغير إيمانه بزوال حقيقته ، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004122لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " ، كما أنه إذا حلف على ذلك يمينا فاجرة كانت من الكبائر ، [ إذ قد
[ ص: 338 ] اشترى بها ثمنا قليلا ] ، فلا خلاق له في الآخرة ولا يكلمه الله يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم .
لكن الشارع علم أن الحالف بها ليفعلن أو لا يفعل ليس غرضه الاستخفاف بحرمة اسم الله والتعلق به كغرض الحالف في اليمين الغموس . فشرع له الكفارة لأنه حل هذه العقدة وأسقطها عن لغو اليمين ، لأنه لم يعقد قلبه شيئا من [ الجناية ] على إيمانه ، فلا حاجة إلى الكفارة .
وإذا ظهر أن موجب اليمين : انعقاد الفعل بهذا [ اليمين ] الذي هو إيمانه بالله ، فإذا عدم الفعل كان [ مقتضاه ] عدم إيمانه ، هذا لولا ما شرع الله من الكفارة ، كما أن مقتضى قوله : إن فعلت كذا وجب علي كذا ، أنه عند الحلف يجب ذلك الفعل لولا ما شرع من الكفارة .
يوضح ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004123من حلف بملة غير الإسلام [ كاذبا ] فهو كما قال " أخرجاه في الصحيحين . فجعل اليمين الغموس في قوله : " هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا " ، كالغموس في قوله : " والله ما فعلت كذا " ، إذ هو في كلا الأمرين قد قطع عهده
[ ص: 339 ] من الله حيث علق الإيمان بأمر معدوم والكفر بأمر موجود ، بخلاف اليمين على المستقبل .
وطرد هذا المعنى : أن اليمين الغموس إذا كانت في النذر أو الطلاق أو العتاق : وقع المعلق به ولم ترفعه الكفارة ، كما يقع الكفر بذلك في أحد قولي العلماء . وبهذا يحصل الجواب على قولهم : المراد به اليمين المشروعة .
وأيضا فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم [ البقرة ] ، فإن السلف مجمعون - أو كالمجمعين - على أن معناها : لا تجعلوا الله مانعا لكم إذا حلفتم به من البر والتقوى والإصلاح بين الناس ، بأن يحلف الرجل أن لا يفعل معروفا مستحبا أو واجبا ، أو ليفعلن مكروها حراما أو نحوه ، فإذا قيل له : افعل ذلك ، أو لا تفعل هذا ، قال : قد حلفت بالله ، فيجعل الله عرضة ليمينه .
فإذا كان الله قد نهى عباده أن يجعلوا نفسه مانعا لهم بالحلف به من البر والتقوى ، فالحلف بهذه الأيمان - إن كان داخلا في عموم الحلف - وجب أن لا يكون مانعا ، وإن لم يكن داخلا فهو أولى أن لا يكون مانعا ، من باب التنبيه بالأعلى على الأدنى . فإنه إذا نهى عن أن يكون هو سبحانه عرضة لأيماننا أن نبر ونتقي ، فغيره أولى أن نكون منهيين عن جعله عرضة لأيماننا . وإذا ثبت أننا منهيون عن أن نجعل شيئا من الأشياء عرضة لأيماننا أن نبر ونتقي ونصلح بين الناس ، فمعلوم أن ذلك إنما هو لما في البر والتقوى والإصلاح مما يحبه الله ويأمر به .
[ ص: 340 ] فإذا
nindex.php?page=treesubj&link=16378_24904حلف الرجل بالنذر أو بالطلاق أو بالعتاق أن لا يبر ولا يتقي ولا يصلح ، فهو بين أمرين : إن وفى ذلك فقد جعل هذه الأشياء عرضة ليمينه أن يبر ويتقي ويصلح بين الناس . وإن حنث فيها وقع عليه الطلاق ووجب عليه فعل المنذور ، فقد يكون خروج أهله وماله عنه أبعد عن البر والتقوى من الأمر المحلوف عليه ، فإن أقام على يمينه ترك البر والتقوى ، وإن خرج عن أهله وماله ترك البر والتقوى ، فصارت عرضة ليمينه أن يبر ويتقي ، فلا يخرج عن ذلك إلا بالكفارة ، وهذا المعنى هو الذي دلت عليه السنة .
ففي الصحيحين من حديث
همام عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004124والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه " ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا من حديث
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004125من استلج في أهله [ بيمين ] فهو أعظم إثما " . فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن
nindex.php?page=treesubj&link=4206اللجاج باليمين في أهل الحالف أعظم إثما من التكفير . واللجاج : هو التمادي في الخصومة ، ومنه قيل : رجل لجوج : إذا تمادى في المخاصمة ، ولهذا تسمي العلماء هذا : نذر اللجاج والغضب ، فإنه يلج حتى يعقده ، ثم يلج في الامتناع من الحنث ، فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن اللجاج باليمين أعظم إثما من الكفارة ، وهذا عام في جميع الأيمان .
وأيضا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
nindex.php?page=showalam&ids=77لعبد الرحمن بن سمرة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004126إذا nindex.php?page=treesubj&link=16538_16477حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها ، فائت الذي هو خير وكفر عن [ ص: 341 ] يمينك " ، أخرجاه في الصحيحين . وفي رواية في الصحيحين : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004127فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير " . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004128من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير " ، وفي رواية : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004129فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه " . وهذا نكرة في سياق الشرط فيعم كل حلف على يمين كائنا ما كان الحلف ، فإذا رأى غير اليمين المحلوف عليها خيرا منها ، وهو أن يكون اليمين المحلوف عليها تركا لخير فيرى فعله خيرا من تركه ، أو يكون فعلا لشر فيرى تركه خيرا من فعله ، فقد أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه .
وقوله هنا : " على يمين " هو - والله أعلم - من باب تسمية المفعول باسم المصدر ، سمى الأمر المحلوف عليه يمينا ، كما سمى المخلوق خلقا ، والمضروب ضربا ، والمبيع بيعا ، ونحو ذلك .
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ :
nindex.php?page=treesubj&link=16374فَالْحَلِفُ بِالنَّذْرِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِمَا هُوَ حَلِفٌ بِصِفَاتِ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ : إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ ، فَقَدْ حَلَفَ بِإِيجَابِ الْحَجِّ عَلَيْهِ ، وَإِيجَابُ الْحَجِّ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِهِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : فَعَلَيَّ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ . وَإِذَا قَالَ : فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ، وَعَبْدِي حُرٌّ ، فَقَدْ حَلَفَ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ الَّذِي هُوَ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ ، وَالتَّحْرِيمُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ ، كَمَا أَنَّ الْإِيجَابَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ . وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِهِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا [ الْبَقَرَةِ : 231] فَجَعَلَ حُدُودَهُ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ مِنْ آيَاتِهِ ، لَكِنَّهُ إِذَا حَلَفَ بِالْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ فَقَدْ عَقَدَ الْيَمِينَ لِلَّهِ ، كَمَا يَعْقِدُ النَّذْرَ لِلَّهِ ، فَإِنَّ قَوْلَهُ : عَلَيَّ الْحَجُّ وَالصَّوْمُ عَقْدٌ لِلَّهِ ، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ حَالِفًا بِهِ فَهُوَ لَمْ يَقْصِدِ الْعَقْدَ لِلَّهِ ، بَلْ قَصَدَ الْحَلِفَ بِهِ . فَإِذَا حَنِثَ وَلَمْ يَفِ بِهِ فَقَدْ تَرَكَ مَا عَقَدَهُ لِلَّهِ ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ فَقَدْ تَرَكَ مَا عَقَدَهُ بِاللَّهِ .
يُوَضِّحُ ذَلِكَ : أَنَّهُ إِذَا حَلَفَ بِاللَّهِ أَوْ بِغَيْرِ اللَّهِ مِمَّا يُعَظِّمُهُ
[ ص: 336 ] بِالْحَلِفِ ، فَإِنَّمَا حَلَفَ بِهِ لِيَعْقِدَ بِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَيَرْبِطَهُ ؛ لِأَنَّهُ لِعَظَمَتِهِ فِي قَلْبِهِ إِذَا رَبَطَ بِهِ شَيْئًا لَمْ يَحُلَّهُ . فَإِذَا حَلَّ مَا رَبَطَهُ بِهِ فَقَدِ [ انْتَقَصَتْ ] عَظَمَتُهُ فِي قَلْبِهِ ، وَقُطِعَ السَّبَبُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ : الْيَمِينُ : الْعَقْدُ عَلَى نَفْسِهِ لِحَقِّ مَنْ لَهُ حَقٌّ . وَلِهَذَا إِذَا كَانَتِ الْيَمِينَ غَمُوسًا كَانَتْ مِنَ الْكَبَائِرِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّارِ ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=77إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ آلِ عِمْرَانَ ] ، وَذَكَرَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَدِّ الْكَبَائِرِ فِيمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004121خَمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ : الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَبَهْتُ مُؤْمِنٍ ، وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَيَمِينٌ صَابِرَةٌ يَقْطَعُ بِهَا مَالًا بِغَيْرِ حَقٍّ " .
وَذَلِكَ : لِأَنَّهُ إِذَا تَعَمَّدَ أَنْ يَعْقِدَ بِاللَّهِ مَا لَيْسَ مُنْعَقِدًا بِهِ ، فَقَدْ نَقَصَ الصِّلَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخْبَرَ عَنِ اللَّهِ بِمَا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ ، أَوْ تَبَرَّأَ مِنَ اللَّهِ ، بِخِلَافِ مَا إِذَا حَلَفَ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ عَقَدَ بِاللَّهِ فِعْلًا قَاصِدًا لِعَقْدِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ ، لَكِنْ أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ حَلَّ هَذَا الْعَقْدِ الَّذِي عَقَدَهُ بِهِ ، كَمَا يُبِيحُ لَهُ تَرْكَ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ لِحَاجَةٍ ، أَوْ يُزِيلُ عَنْهُ وُجُوبَهَا . وَلِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=16378_16418قَالَ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا ، فَهِيَ يَمِينٌ ، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ ، لِأَنَّهُ رَبَطَ عَدَمَ الْفِعْلِ بِكُفْرِهِ الَّذِي هُوَ بَرَاءَتُهُ مِنَ اللَّهِ ، فَيَكُونُ
[ ص: 337 ] قَدْ رَبَطَ الْفِعْلَ بِإِيمَانِهِ بِاللَّهِ . هَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْحَلِفِ بِاللَّهِ . فَرَبْطُ الْفِعْلِ بِأَحْكَامِ اللَّهِ - مِنَ الْإِيجَابِ أَوِ التَّحْرِيمِ - أَدْنَى حَالًا مِنْ رَبْطِهِ بِاللَّهِ .
يُوَضِّحُ ذَلِكَ : أَنَّهُ إِذَا عَقَدَ الْيَمِينَ بِاللَّهِ فَهُوَ عَقْدُ لَهَا بِإِيمَانِهِ بِاللَّهِ ، وَهُوَ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ وَإِكْرَامِهِ ، الَّذِي هُوَ [ حَقُّ ] اللَّهِ وَمَثَلُهُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا سَبَّحَ اللَّهَ وَذَكَرَهُ فَهُوَ مُسَبِّحٌ لَهُ وَذَاكِرٌ لَهُ بِقَدْرِ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَعِبَادَتِهِ . وَلِذَلِكَ جَاءَ التَّسْبِيحُ تَارَةً لِاسْمِ اللَّهِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [ الْأَعْلَى ] ، كَمَا أَنَّ الذِّكْرَ يَكُونُ تَارَةً لِاسْمِ اللَّهِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [ الْإِنْسَانِ : 25 ] ، وَكَذَلِكَ الذِّكْرُ مَعَ التَّسْبِيحِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [ الْأَحْزَابِ ] ، فَحَيْثُ عَظَّمَ الْعَبْدُ رَبَّهُ بِتَسْبِيحِ اسْمِهِ ، أَوِ الْحَلِفِ بِهِ ، أَوِ الِاسْتِعَاذَةِ بِهِ ، فَهُوَ مُسَبِّحٌ لَهُ بِتَوَسُّطِ الْمَثَلِ الْأَعْلَى الَّذِي فِي قَلْبِهِ ، مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ ، عِلْمًا وَقَصْدًا وَإِجْلَالًا وَإِكْرَامًا . وَحُكْمُ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى مَا كَسَبَهُ قَلْبُهُ مِنْ ذَلِكَ ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [ الْبَقَرَةِ : 22 ] ، وَكَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ [ الْمَائِدَةِ : 89 ] .
فَلَوِ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ مَا فِي لَفْظِ الْقَسَمِ مِنِ انْعِقَادِهِ بِالْإِيمَانِ وَارْتِبَاطِهِ بِهِ دُونَ قَصْدِ الْحَلِفِ لَكَانَ مُوجَبُهُ أَنَّهُ إِذَا حَنِثَ يَتَغَيَّرُ إِيمَانُهُ بِزَوَالِ حَقِيقَتِهِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004122لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ " ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ يَمِينًا فَاجِرَةً كَانَتْ مِنَ الْكَبَائِرِ ، [ إِذْ قَدِ
[ ص: 338 ] اشْتَرَى بِهَا ثَمَنًا قَلِيلًا ] ، فَلَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِ وَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ .
لَكِنَّ الشَّارِعَ عَلِمَ أَنَّ الْحَالِفَ بِهَا لَيَفْعَلَنَّ أَوْ لَا يَفْعَلُ لَيْسَ غَرَضُهُ الِاسْتِخْفَافَ بِحُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ وَالتَّعَلُّقَ بِهِ كَغَرَضِ الْحَالِفِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ . فَشَرَعَ لَهُ الْكَفَّارَةَ لِأَنَّهُ حَلَّ هَذِهِ الْعُقْدَةَ وَأَسْقَطَهَا عَنْ لَغْوِ الْيَمِينِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ قَلْبُهُ شَيْئًا مِنَ [ الْجِنَايَةِ ] عَلَى إِيمَانِهِ ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْكَفَّارَةِ .
وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ مُوجَبَ الْيَمِينِ : انْعِقَادُ الْفِعْلِ بِهَذَا [ الْيَمِينِ ] الَّذِي هُوَ إِيمَانُهُ بِاللَّهِ ، فَإِذَا عُدِمَ الْفِعْلُ كَانَ [ مُقْتَضَاهُ ] عَدَمَ إِيمَانِهِ ، هَذَا لَوْلَا مَا شَرَعَ اللَّهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ ، كَمَا أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ : إِنْ فَعَلْتُ كَذَا وَجَبَ عَلَيَّ كَذَا ، أَنَّهُ عِنْدَ الْحَلِفِ يَجِبُ ذَلِكَ الْفِعْلُ لَوْلَا مَا شُرِعَ مِنَ الْكَفَّارَةِ .
يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004123مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ [ كَاذِبًا ] فَهُوَ كَمَا قَالَ " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ . فَجَعَلَ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ فِي قَوْلِهِ : " هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إِنْ فَعَلَ كَذَا " ، كَالْغَمُوسِ فِي قَوْلِهِ : " وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا " ، إِذْ هُوَ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ قَدْ قَطَعَ عَهْدَهُ
[ ص: 339 ] مِنَ اللَّهِ حَيْثُ عَلَّقَ الْإِيمَانَ بِأَمْرٍ مَعْدُومٍ وَالْكُفْرِ بِأَمْرٍ مَوْجُودٍ ، بِخِلَافِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ .
وَطَرْدُ هَذَا الْمَعْنَى : أَنَّ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ إِذَا كَانَتْ فِي النَّذْرِ أَوِ الطَّلَاقِ أَوِ الْعَتَاقِ : وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِهِ وَلَمْ تَرْفَعْهُ الْكَفَّارَةُ ، كَمَا يَقَعُ الْكُفْرُ بِذَلِكَ فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ . وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِهِمْ : الْمُرَادُ بِهِ الْيَمِينُ الْمَشْرُوعَةُ .
وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [ الْبَقَرَةِ ] ، فَإِنَّ السَّلَفَ مُجْمِعُونَ - أَوْ كَالْمُجْمِعِينَ - عَلَى أَنَّ مَعْنَاهَا : لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ مَانِعًا لَكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ بِهِ مِنَ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ ، بِأَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَعْرُوفًا مُسْتَحَبًّا أَوْ وَاجِبًا ، أَوْ لَيَفْعَلَنَّ مَكْرُوهًا حَرَامًا أَوْ نَحْوَهُ ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ : افْعَلْ ذَلِكَ ، أَوْ لَا تَفْعَلْ هَذَا ، قَالَ : قَدْ حَلَفْتُ بِاللَّهِ ، فَيَجْعَلُ اللَّهَ عُرْضَةً لِيَمِينِهِ .
فَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ نَهَى عِبَادَهُ أَنْ يَجْعَلُوا نَفْسَهُ مَانِعًا لَهُمْ بِالْحَلِفِ بِهِ مِنَ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، فَالْحَلِفُ بِهَذِهِ الْأَيْمَانِ - إِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي عُمُومِ الْحَلِفِ - وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فَهُوَ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعًا ، مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى . فَإِنَّهُ إِذَا نَهَى عَنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ سُبْحَانَهُ عُرْضَةً لِأَيْمَانِنَا أَنْ نَبَرَّ وَنَتَّقِيَ ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى أَنْ نَكُونَ مَنْهِيِّينَ عَنْ جَعْلِهِ عُرْضَةً لِأَيْمَانِنَا . وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّنَا مَنْهِيُّونَ عَنْ أَنْ نَجْعَلَ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ عُرْضَةً لِأَيْمَانِنَا أَنْ نَبَرَّ وَنَتَّقِيَ وَنُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ لِمَا فِي الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِصْلَاحِ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَأْمُرُ بِهِ .
[ ص: 340 ] فَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=16378_24904حَلَفَ الرَّجُلُ بِالنَّذْرِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْعَتَاقِ أَنْ لَا يَبَرَّ وَلَا يَتَّقِيَ وَلَا يُصْلِحَ ، فَهُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ : إِنْ وَفَّى ذَلِكَ فَقَدْ جَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عُرْضَةً لِيَمِينِهِ أَنْ يَبَرَّ وَيَتَّقِيَ وَيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ . وَإِنْ حَنِثَ فِيهَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُ الْمَنْذُورِ ، فَقَدْ يَكُونُ خُرُوجُ أَهْلِهِ وَمَالِهِ عَنْهُ أَبْعَدَ عَنِ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ، فَإِنْ أَقَامَ عَلَى يَمِينِهِ تَرَكَ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ تَرَكَ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى ، فَصَارَتْ عُرْضَةً لِيَمِينِهِ أَنْ يَبَرَّ وَيَتَّقِيَ ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا بِالْكَفَّارَةِ ، وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ .
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
همام عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004124وَاللَّهِ لَأَنْ يَلِجَ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ " ، وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ
عكرمة عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004125مَنِ اسْتَلَجَ فِي أَهْلِهِ [ بِيَمِينٍ ] فَهُوَ أَعْظَمُ إِثْمًا " . فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=4206اللَّجَاجَ بِالْيَمِينِ فِي أَهْلِ الْحَالِفِ أَعْظَمُ إِثْمًا مِنَ التَّكْفِيرِ . وَاللَّجَاجُ : هُوَ التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ ، وَمِنْهُ قِيلَ : رَجُلٌ لَجُوجٌ : إِذَا تَمَادَى فِي الْمُخَاصَمَةِ ، وَلِهَذَا تُسَمِّي الْعُلَمَاءُ هَذَا : نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ ، فَإِنَّهُ يَلِجُ حَتَّى يُعَقِّدَهُ ، ثُمَّ يَلِجُ فِي الِامْتِنَاعِ مِنَ الْحِنْثِ ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ اللَّجَاجَ بِالْيَمِينِ أَعْظَمُ إِثْمًا مِنَ الْكَفَّارَةِ ، وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ .
وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=77لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004126إِذَا nindex.php?page=treesubj&link=16538_16477حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا ، فَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ [ ص: 341 ] يَمِينِكَ " ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ . وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004127فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ " . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فِي صَحِيحِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004128مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ " ، وَفِي رِوَايَةٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004129فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ " . وَهَذَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَيَعُمُّ كُلَّ حَلِفٍ عَلَى يَمِينٍ كَائِنًا مَا كَانَ الْحَلِفُ ، فَإِذَا رَأَى غَيْرَ الْيَمِينِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا خَيْرًا مِنْهَا ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا تَرْكًا لِخَيْرٍ فَيَرَى فِعْلَهُ خَيْرًا مِنْ تَرْكِهِ ، أَوْ يَكُونَ فِعْلًا لِشَرٍّ فَيَرَى تَرْكَهُ خَيْرًا مِنْ فِعْلِهِ ، فَقَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَيُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ .
وَقَوْلُهُ هُنَا : " عَلَى يَمِينٍ " هُوَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ ، سَمَّى الْأَمْرَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ يَمِينًا ، كَمَا سَمَّى الْمَخْلُوقَ خَلْقًا ، وَالْمَضْرُوبَ ضَرْبًا ، وَالْمَبِيعَ بَيْعًا ، وَنَحْوَ ذَلِكَ .