الحيلة الثالثة : إذا تعذر الاحتيال في المحلوف عليه فيبطلوه بالبحث عن شروطه ، فصار قوم من المتأخرين من أصحاب احتالوا في المحلوف به يبحثون عن صفة عقد النكاح ، لعله اشتمل على أمر يكون به فاسدا ، ليرتبوا على ذلك أن الطلاق في النكاح الفاسد لا يقع ، ومذهب الشافعي في أحد قوليه الشافعي وأحمد في إحدى روايتيه : أن الولي الفاسق لا يصح نكاحه ، والفسوق غالب على كثير من الناس ، فينفق سوق هذه المسألة ، بسبب الاحتيال لرفع يمين الطلاق ، حتى رأيت من صنف في هذه المسألة مصنفا مقصوده به الاحتيال لرفع الطلاق ، ثم تجد هؤلاء الذين يحتالون بهذه الحيلة إنما ينظرون في صفة عقد النكاح ، وكون ولاية الفاسق لا تصح عند إيقاع الطلاق ، الذي قد ذهب كثير من أهل العلم أو أكثرهم إلى أنه يقع في الفاسد في الجملة . وأما عند الوطء والاستمتاع الذي أجمع المسلمون على أنه لا يباح بالنكاح الفاسد : فلا ينظرون في ذلك ، وكذلك لا ينظرون في ذلك عند الميراث وغيره من أحكام النكاح الصحيح ، بل إنما ينظرون إليه فقط عند وقوع الطلاق خاصة ، وهو نوع من اتخاذ آيات الله هزوا ، ومن المكر في آيات الله ، وإنما أوجبه الحلف بالطلاق والضرورة إلى عدم وقوعه .