فصل
موجب على المشهور عندنا أحد شيئين : نذر اللجاج والغضب
إما التكفير ، وإما فعل المعلق . ولا ريب أن موجب اللفظ في مثل ، أو صدقة ألف ، أو فعلي الحج ، أو صوم شهر : هو الوجوب عند الفعل . فهو مخير بين هذا الوجوب وبين وجوب الكفارة . فإذا لم [ يلتزم ] الوجوب المعلق ، ثبت وجوب الكفارة . فاللازم له أحد الوجوبين ، كل منهما ثابت بتقدير عدم الآخر ، كما في الواجب المخير . قوله : إن فعلت كذا فعلي صلاة ركعتين
وكذلك إذا ، فإن ذلك يوجب استحقاق العبد للإعتاق ، والمال للتصدق ، والبدنة للهدي . قال : إذا فعلت كذا فعلي عتق هذا العبد ، أو تطليق هذه المرأة ، أو علي أن أتصدق أو أهدي
ولو أنه نجز ذلك فقال : هذا المال صدقة ، وهذه البدنة هدي ، وعلي عتق هذا العبد ، فهل يخرج عن ملكه بذلك ، أو يستحق [ ص: 367 ] الإخراج ؟ فيه خلاف ، وهو يشبه قوله : هذا وقف .
وأما إذا قال : هذا العبد حر ، وهذه المرأة طالق ، فهو إسقاط بمنزلة قوله : برئت ذمة فلان من كذا ، ومن دم فلان ، أو من قذفي . فإن إسقاط حق الدم والمال والعرض من باب إسقاط حق الملك بملك البضع وملك اليمين .
فإذا ، وقلنا : إن موجبه أحد الأمرين : فإنه يكون مخيرا بين وقوع ذلك ، وبين وجوب الكفارة ، كما لو قال : فهذا المال صدقة ، أو هذه البدنة هدي . قال : إن فعلت فعلي الطلاق ، أو فعلي العتق ، أو فامرأتي طالق ، أو فعبيدي أحرار
ونظير ذلك ما لو - وقلنا : التخيير إليه - فإنه إذا اختار أحدهما كان ذلك بمنزلة اختياره أحد الأمرين من الوقوع أو وجوب التكفير . [ ومثال ذلك ] أيضا : إذا أسلم وتحته أكثر من أربع ، أو أختان ، فاختار إحداهما ، فهذه المواضع التي تكون فيها الفرقة أحد اللازمين : إما فرقة معين ، أو نوع الفرقة ، لا يحتاج إلى إنشاء طلاق ، لكن لا يتعين الطلاق إلا بما يوجب تعيينه ، كما في النظائر المذكورة . قال : إذا طلعت الشمس فعبيدي أحرار ، أو نسائي طوالق
ثم إذا اختار الطلاق : فهل يقع من حين الاختيار ، أو من حين الحنث ؟ يخرج على نظير ذلك .
فلو قال في جنس مسائل نذر اللجاج والغضب : اخترت التكفير أو اخترت فعل المنذور : فهل يتعين بالقول ، أو لا يتعين إلا بالفعل ؟
[ ص: 368 ] إن كان التخيير بين الوجوبين ، تعين بالقول ، كما في التخيير بين النساء ، وبين الطلاق والعتق .
وإن كان بين الفعلين لم يتعين إلا بالفعل ، كالتخيير بين خصال الكفارة.
وإن كان بين الفعل والحكم ، كما في : تعين الحكم بالقول ، ولم يتعين الفعل إلا بالفعل . والله سبحانه وتعالى أعلم . قوله : إن فعلت كذا فعبدي حر ، أو امرأتي طالق ، أو دمي هدر ، أو مالي صدقة ، أو بدنتي هدي
آخر ما تيسر بحمد الله ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .