وأصل آخر : وهو اختلاط الحلال بالحرام كاختلاط المائع الطاهر بالنجس ، فقول الكوفيين فيه من الشدة ما لا خفاء به .
وسر قولهم : إلحاق الماء بسائر المائعات ، وأن النجاسة إذا وقعت في مائع لم يمكن استعماله إلا باستعمال [ الخبيث ] ، فيحرم الجميع [ مع أن تنجيس ] المائع غير الماء الآثار فيه قليلة .
وبإزائهم مالك وغيره من أهل المدينة فإنهم - في المشهور - لا ينجسون الماء إلا بالتغير ، ولا يمنعون من المستعمل ولا غيره ؛ مبالغة في طهورية الماء ، مع فرقهم بينه وبين غيره من المائعات .
ولأحمد قول كمذهبهم ، لكن المشهور عنه التوسط بالفرق بين قليله وكثيره كقول الشافعي .
واختلف قوله في المائعات غير الماء ، هل يلحق بالماء ، أو لا يلحق به كقول مالك والشافعي ؟ أو يفرق بين الماء وغير الماء كخل العنب ؟ على ثلاث روايات .
وفي هذه الأقوال من التوسط أثرا ونظرا ما لا خفاء به ، مع أن قول أحمد الموافق لقول مالك راجح في الدليل .


