الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم استثنى من حرمة التعرض للبري قوله [ ص: 74 ] ( إلا الفأرة ) ويلحق بها ابن عرس وما يقرض الثياب من الدواب ( والحية والعقرب ) ويلحق بها الزنبور أي ذكر النحل ( مطلقا ) كبيرة أو صغيرة بدأت بالأذية أم لا ( وغرابا ) أسود أو أبقع وهو ما خالط سواده بياض ( وحدأة ) بوزن عنبة فيجوز قتل هذه الخمسة لا بنية تذكيتها ، وإلا لم يجز وعليه جزاؤها ( وفي ) جواز قتل ( صغيرهما ) أي الغراب والحدأة وهو ما لم يصل لحد الإيذاء ( خلاف ) وعلى القول بالمنع فلا جزاء فيه مراعاة للقول الآخر ، ثم شبه في جواز القتل ما فسر به الكلب العقور في الحديث بقوله ( كعادي سبع كذئب ) وأسد ونمر وفهد ( إن كبر ) بكسر الباء ، وقتلها لدفع شرها فإن قتلها بنية ذكاتها منع وعليه جزاؤها وكذا يقال في الطير والوزغ المشار إليهما بقوله ( كطير خيف ) منه على نفس أو مال ولا يندفع ( إلا بقتله و ) إلا ( وزغا ) فيجوز قتله ( لحل بحرم ) إذ لو تركها الحلال بالحرم لكثرت في البيوت وحصل منها الضرر وأما المحرم فلا يجوز له قتله فإن فعل فليطعم شيئا من الطعام أي حفنة كسائر الهوام .

التالي السابق


( قوله : إلا الفأرة إلخ ) أي فإنه يجوز قتلها للمحرم وفي الحرم إذا كان بغير نية الذكاة وإلا لم يجز كما يأتي . ( قوله : مطلقا ) راجع للثلاثة قبله . ( قوله : وفي جواز قتل صغيرهما ) أي وعدم الجواز فالقول بالجواز نظرا للفظ غراب الواقع في الحديث فإنه مطلق يتحقق الكبير والصغير والقول بالمنع نظرا للعلة في جواز القتل وهي الإيذاء وذلك منتف في الصغير . ( قوله : خلاف ) الأول شهره ابن راشد والثاني شهره ابن هارون . ( قوله : كعادي سبع ) أي كما يجوز قتل العادي من السباع إن كان كبيرا وكان قتله لدفع شره ، وإلا فلا يجوز قتله وفيه الجزاء . ( قوله : كطير ) أي كما يجوز قتل الطير الذي يخاف منه على النفس ، أو المال ولا يندفع إلا بالقتل إذا كان قتله لدفع شره لا بقصد ذكاته فلا يجوز وفيه الجزاء . ( قوله : وأما المحرم فلا يجوز له قتله ) أي يحرم كما صرح به الجزولي في شرح الرسالة وما في المناسك من الكراهة قال طفى المراد بها التحريم بدليل قوله فإذا قتلها المحرم أطعم كسائر الهوام إذ لو كانت للتنزيه ما قال أطعم كسائر الهوام ا هـ بن وقد يقال الإطعام على جهة الاستحباب فلا ينافي أن الكراهة على بابها للتنزيه تأمل .




الخدمات العلمية