الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( ولها ) أي للزوجة ( الفسخ ) بطلقة رجعية ( إن ) ( عجز ) زوجها ( عن نفقة حاضرة ) ومثلها الكسوة ولها أن تبقى معه ، ومثل الحاضرة المستقبلة إذا أراد سفرا ( لا ماضية ) لصيرورتها دينا في ذمته إن كانا حرين بل ( وإن ) كانا ( عبدين ) أو أحدهما ( لا إن علمت ) عند العقد ( فقره ) فليس لها الفسخ ولو أيسر بعد ثم أعسر ( أو ) علمت عند العقد ( أنه من السؤال الطائفين بالأبواب ) ( إلا أن يتركه ) أي السؤال فلها الفسخ وهذا مستثنى من الثانية وقوله ( أو يشتهر بالعطاء وينقطع ) مستثنى من الأولى ففيه لف ونشر غير مرتب وإذا أرادت الفسخ ورفعت للحاكم [ ص: 519 ] ( فيأمره الحاكم إن لم يثبت عسره ) ببينة أو تصديقها ( بالنفقة والكسوة ) إن شكت عدمها ( أو الطلاق ) أي يلزمه أحد الأمرين بأن يقول له : إما أن تنفق عليها أو تطلقها ( وإلا ) بأن أثبت عسره ابتداء أو بعد الأمر بالطلاق ( تلوم ) أي تصبر له ( بالاجتهاد ) بما يراه الحاكم من غير تحديد بيوم أو أكثر ( وزيد ) في مدة التلوم ( إن مرض أو سجن ) بعد إثبات العسر لا في زمن إثباته فيزاد بقدر ما يرجى له شيء ، وهذا إذا رجي برؤه من المرض ، وخلاصه من السجن عن قرب ، وإلا طلق عليه ( ثم ) بعد التلوم ( طلق ) عليه ( وإن ) كان الذي ثبت عسره وتلوم له ( غائبا ) بأن لم يوجد عنده ما يقابل النفقة ، والتلوم للغائب محله إذا لم يعلم موضعه أو كانت غيبته على عشرة أيام ، وأما قريب الغيبة فإنه يعذر إليه ( أو وجد ) الزوج ( ما يمسك الحياة ) خاصة فيطلق عليه ; إذ لا صبر لها عادة على مثل ذلك ( لا إن قدر على القوت ) كاملا ، ولو من خشن المأكول أو خبز بغير أدم ( و ) وجد من الكسوة ( ما يواري العورة ) أي جميع بدنها ولو من الخيش أو الصوف أو دون ما يلبسه فقراء ذلك المحل فلا يطلق عليه ( وإن غنية ) وما مر من أنه يراعى حالهما في النفقة فهو من فروع القدرة على ما يفرض ، وهذا من فروع العجز الموجب للفسخ .

التالي السابق


( قوله : ولها الفسخ ) أي القيام به وطلبه فلا يشكل مع قوله ثم طلق عليه

وحاصل الإشكال أن قوله : ولها الفسخ أي الطلاق يقتضي أنه إذا عجز لها أن تطلق حالا فينافي قوله الآتي ثم طلق أي ثم بعد التلوم طلق عليه وحاصل الجواب أن المراد ولها الفسخ أي لها طلب الفسخ والقيام به لا أنها توقع الفسخ الآن ، وقد تسمح المصنف في تعبيره بالفسخ ; لأنه تطليق كما سيقول .

( قوله : إن عجز ) أي إن ادعى العجز عن ذلك أثبته أم لا وحاصل فقه المسألة أن الزوج إذا امتنع من النفقة وطولب بها فإما أن يدعي الملاء ويمتنع من الإنفاق ، وإما أن لا يجيب بشيء ، وإما أن يدعي العجز فإن لم يجب بشيء طلق عليه حالا ، وإن قال : أنا موسر ولكن لا أنفق فقيل : يعجل عليه الطلاق ، وقيل : يحبس ، وإذا حبس ولم ينفق طلق عليه وهذا كله إذا لم يكن له مال ظاهر وإلا أخذ منه وإن ادعى العجز وهي مسألة المصنف فإما أن يثبت العجز ، أو لا فإن لم يثبت العجز ، فيقال له : طلق أو أنفق فإن امتنع من الطلاق والإنفاق فقيل يتلوم له ثم يطلق عليه وقيل : لا يتلوم له بل يطلق عليه حالا والثاني هو المعتمد ، وإن أثبت عسره تلوم له على المعتمد ثم يطلق عليه وهذا معنى قول المصنف : فيأمره الحاكم إن لم يثبت عسره إلخ .

( قوله : ومثل الحاضرة المستقبلة إذا أراد سفرا ) تبع في ذلك عج ورده بن تبعا لبعض الشيوخ بأنه إذا أراد سفرا ، وعجز عن دفع النفقة المستقبلة فالنقل أن لها المطالبة بها ، ولا يلزم منه التطليق حالا نعم لها بعد طول النفة التطليق إذا أرادته ، ولو في غيبته فتأمل ( قوله : وإن كانا عبدين ) راجع لقوله : ولها الفسخ لا لقوله ماضية ( قوله فليس لها الفسخ ) أي ولزمها المقام معه بلا نفقة وهي محمولة على العلم إن كان من السؤال لشهرة حاله ، وعلى عدمه إن كان فقيرا لا يسأل ( قوله : أو علمت أنه من السؤال الطائفين بالأبواب ) أي ودخلت على ذلك راضية به ( قوله : غير مرتب ) أي بل مشوش وحاصل فقه المسألة أنها إذا علمت عند العقد فقره فليس لها الفسخ إلا إن كان مشهورا بالعطاء ، وانقطع وكذلك إذا علمت عند العقد [ ص: 519 ] أنه من السؤال فليس لها الفسخ إلا إذا تركه فلها الفسخ .

( قوله فيأمره الحاكم إلخ ) اعلم أن جماعة المسلمين العدول يقومون مقام الحاكم في ذلك وفي كل أمر يتعذر الوصول فيه إلى الحاكم أو لكونه غير عدل ا هـ خش والواحد منهم كاف كما قاله شيخنا تبعا لعبق فيما مر ونازع فيه بن كما تقدم فانظره ( قوله : أو تطلقها ) أي فإن أنفق وكسا أو طلق فلا كلام وإن أبى من ذلك ومن الطلاق فإن الحاكم يطلق عليه حالا قبل تلوم على المعتمد وقيل بعد التلوم ( قوله وإلا تلوم إلخ ) أي ابتداء ولا يؤمر بالنفقة بحيث يقال له إما أن تنفق أو تطلق إذ لا فائدة في أمره بها ; لأن الفرض ثبوت عسرة ( قوله : بيوم أو أكثر ) أي ولا نفقة لها على الزوج في زمن التلوم ولو رضيت بالمقام بعد التلوم ثم قامت بعد ذلك فلا بد من التلوم ثانيا ( قوله : إن مرض أو سجن ) أي في أثناء مدة التلوم الكائنة بالاجتهاد بعد إثبات العسر ( قوله : وإلا طلق عليه ) أي عند فراغ مدة التلوم التي بالاجتهاد ( قوله : ثم بعد التلوم ) أي ثم بعد فراغ مدة التلوم أي وعدم الوجدان للنفقة والكسوة ( قوله : طلق عليه ) ويجري فيه قوله : فهل يطلق الحاكم أو يأمرها به ثم يحكم قولان .

( قوله : وإن غائبا ) أي هذا إذا كان الذي ثبت عسره وتلوم له حاضرا بل وإن كان غائبا ، واعلم أن الغائب يطلق عليه للعسر بالنفقة سواء دخل أو لم يدخل سواء دعي إلى الدخول أم لا على المعتمد خلافا لما في بهرام حيث قال : لا بد من دخوله أو دعوته له فظهر لك أن الدخول والدعوة له إنما يشترط في إيجاب النفقة على الزوج إذا كان حاضرا لا غائبا كما في ح خلافا لبهرام ( قوله : بأن لم يوجد إلخ ) هذا بيان لثبوت عسر الغائب ( قوله : وأما قريب الغيبة ) أي كثلاثة أيام ( قوله : فإنه يعذر إليه ) أي يرسل إليه إما أن تنفق عليها ، أو يطلق عليك ( قوله : أو وجد إلخ ) عطف على المبالغة أي أو كان غير غائب لكن وجد ما يمسك الحياة ( قوله وإن غنية ) أي على المشهور خلافا لأشهب




الخدمات العلمية