الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وانحل الإيلاء بزوال ملك من ) أي الرقيق الذي ( حلف بعتقه ) أي علقه على وطئها كقوله إن وطئتك فعبدي هذا حر وامتنع منها فإنه يدخل عليه الإيلاء من يوم حلفه فإذا زال ملك العبد بموت أو عتق أو بيع أو هبة أو صدقة فإن الإيلاء ينحل عنه ، فإن امتنع من وطئها كان مضارا فيطلق عليه إن شاءت بلا ضرب أجل ( إلا أن يعود ) الرقيق لملكه ثانيا ( بغير إرث ) فإن الإيلاء يعود عليه إذا كانت يمينه مطلقة أو مقيدة بزمن ، وقد بقي منه أكثر من أربعة أشهر أما إن عاد العبد كله إليه بإرث فإنه لا يعود عليه الإيلاء ; لأن الإرث جبري يدخل في ملك الإنسان بغير اختياره ( كالطلاق القاصر ) أي كما يعود الإيلاء بعود الزوجة لعصمته في الطلاق القاصر ( عن الغاية ) أي لم يبلغ الثلاث ( في ) الزوجة ( المحلوف بها ) أي بطلاقها بأن علق طلاقها على وطء أخرى فإذا قال : إن وطئت عزة فهند طالق فقد حلف بطلاق هند فهي محلوف بها وعزة محلوف عليها ; لأنه علق طلاق هند على وطئها فإذا امتنع من وطء عزة كراهة أن يلزمه طلاق هند كان موليا ، فإذا طلق هندا دون الثلاث انحل عنه الإيلاء في عزة بمجرده في البائن وبعد العدة في الرجعي ، وجاز له وطء عزة ، فإن عادت هند لعصمته عاد عليه الإيلاء في عزة فإن بلغ طلاق هند الغاية ثم تزوجها بعد زوج لم يعد عليه اليمين في عزة ، فهذا التفصيل في المحلوف بها ، وأما عزة المحلوف عليها فيعود فيها الإيلاء ، ولو طلقت ثلاثا ثم رجعت بعد زوج ما شاء الله ما دام طلاق المحلوف بها لم يبلغ الغاية فقوله : ( لا ) في المحلوف ( لها ) وهي عزة في المثال واللام [ ص: 435 ] بمعنى على معناه لا يشترط القصور فيها عن الغاية بل يعود أبدا ما دام طلاق المحلوف بها لم يبلغ الغاية وليس معناه عدم العود كما هو ظاهره ، ولا يصح إبقاء اللام على بابها ; لأن المحلوف لها أي لأجلها وهي الحاملة على اليمين لا يتصور تعلق الإيلاء بها كأن يقول لزوجته إن وطئت غيرك أو تزوجت عليك فالتي أطؤها أو أتزوجها طالق

التالي السابق


( قوله : أي علقه ) أي علق عتقه على وطئها ( قوله : وانحل الإيلاء إلخ ) لما فرغ المصنف مما ينعقد به الإيلاء وما لا ينعقد به شرع في بيان ما تنحل به بعد انعقادها وحاصل ما ذكره أنه إذا قال لزوجته : إن وطئتك فعبدي فلان حر فإنه يدخل عليه الإيلاء من يوم اليمين فإن مات العبد أو باعه سيده أو أعتقه أو خرج عن ملكه بوجه شرعي كالهبة والصدقة فإن الإيلاء تنحل عنه وسواء أخرج العبد عن ملك سيده باختياره أم لا كبيع سلطان له في فلسه ( قوله : فإن امتنع من وطئها ) أي بعد انحلال الإيلاء عنه بزوال ملك العبد ( قوله : إلا أن يعود ) أي كلا أو بعضا بغير إرث ليس المراد إلا أن يعود فلا تنحل بل المراد فيعود عليه الإيلاء وعودها غير عدم الانحلال ، وأجله حينئذ من يوم العود سواء كانت يمينه صريحة أو محتملة على المذهب وبهذا تعلم أن الاستثناء منقطع ; لأن ما بعد إلا وهو عود الإيلاء غير داخل فيما قبلها وهو انحلالها ا هـ عدوي فلو عاد ملكه لبعضه وطولب بالفيئة فوطئ عتق عليه ما ملكه منه وقوم عليه باقيه ( قوله : أما إن عاد العبد إليه كله بإرث إلخ ) أي وأما عود بعضه بإرث وبعضه بشراء ونحوه فكعود كله بغير إرث فيغلب غير الإرث على الإرث ، ويعود الإيلاء .

( قوله : لم يبلغ الثلاث ) أي سواء كان بائنا أو رجعيا ( قوله : فهند طالق إلخ ) اعلم أنه إذا قال : إن وطئت عزة فهند طالق فالشرط محلوف عليه ، وهو وطء عزة ، والجزاء محلوف به ، وهو طلاق هند ، ولما كان الوطء واقعا في عزة قيل لها : محلوف عليها ، ولما كان الطلاق واقعا على هند ، قيل لها : محلوف بها ( قوله : محلوف عليها ) أي على وطئها ( قوله : عاد عليه الإيلاء ) أي حيث لم يؤجل كالمثال المتقدم أو أجل وبقي من الأجل أجل الإيلاء ( قوله : عاد عليه الإيلاء في عزة ) أي فإن وطئ عزة بعد ذلك الزواج أو في عدة هند حنث ووقع عليه الطلاق في هند ( قوله : فيعود فيها الإيلاء ، ولو طلقت ثلاثا ) في شب أن ما في المصنف خلاف ما في المدونة والذي فيها أن المحلوف عليه كالمحلوف بها ، وهو المعتمد فمتى طلقها ثلاثا لم تعد [ ص: 435 ] الإيلاء ا هـ عدوي ( قوله بمعنى على ) أي على حد قوله تعالى { ويخرون للأذقان يبكون } ( قوله : عدم العود ) أي عدم عود الإيلاء إذا عادت المحلوف عليها للعصمة ( قوله : لزوجته إلخ ) أي كهند ، وقوله : إن وطئت غيرك أي كعزة فهند محلوف لها أي لأجلها ولا يتصور تعلق الإيلاء بها




الخدمات العلمية