الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) حنث ( بالبعض ) فمن حلف لا يأكل رغيفا فأكل بعضه ، ولو لقمة حنث ، وهذا في صيغة البر ، ولو قيد بالكل ، وأما في صيغة الحنث فلا يبر بفعل البعض فمن حلف لآكلن هذا الرغيف ، وإن لم آكله فأنت طالق فلا يبر بأكل بعضه ، وهذا معنى قوله ( عكس البر ) أي في صيغة الحنث .

التالي السابق


( قوله : وبالبعض ) أي وحنث بالحلف على ترك ذي أجزاء بفعل البعض منه فمن حلف أنه لا يأكل رغيفا حنث بأكل لقمة منه ، ومن حلف أنه لا يلبس هذا الثوب حنث بإدخال طوقه في عنقه ، وإن حلف لا يصلي حنث بالإحرام أو لا يصوم حنث بالإصباح ناويا ، ولو أفسد بعد ذلك فيهما بل في ح إن حلف لا يركب حنث بوضع رجله في الركاب ، ولو لم يستقر على الدابة حيث استقل عن الأرض ، وإن حلف إن وضعت ما في بطنك فوضعت واحدا وبقي واحد حنث بوضع أحدهما قال ، ولو حلف لا يطؤها حنث بمغيب الحشفة ، وقيل بالإنزال ، ولم يلتفتوا في هذا البعض كأنه لتعويل الشارع في أحكام الوطء على مغيب الحشفة ، ولو حلف أنه لا يدخل الدار لم يحنث بإدخال رأسه بخلاف رجله والأظهر إن اعتمد عليها انظر البدر ( قوله : ولو قيد بالكل ) أي بأن قال لا آكل كل الرغيف ، وهذا هو المشهور واستشكل هذا بأنه مخالف لما تقرر من أن إفادة كل للكلية محله ما لم تقع في حيز النفي ، وإلا لم تستغرق غالبا بل يكون المقصود نفي الهيئة الاجتماعية الصادق بثبوت البعض كقوله :

ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

، ومن هنا من هذا القبيل ، ومن غير الغالب استغراقها نحو قول الله تعالى { والله لا يحب كل مختال فخور } فتأمله إلا أن يقال روعي في هذا القول المشهور الوجه القليل حيث لا نية ، ولا بساط ; لأن الحنث يقع بأدنى وجه فتأمله .

( قوله : عكس البر ) أي إذا كانت الصيغة صيغة حنث وحلف على فعل شيء ذي أجزاء فلا يبر بفعل البعض ، وذكر شيخنا وغيره أن من حلف بالأكل فإن كان في آخر الأكل فلا يبر الحالف إلا بأكل المحلوف عليه ثلاث لقم فأكثر ، وإن لم يكن الحلف عليه في آخر أكله فلا يبر الحالف إلا بشبع مثله .




الخدمات العلمية