الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وعليه ) أي المغرور الحر إذا كان الغرور منها أو من سيدها ( الأقل من المسمى وصداق المثل ) إذا فارقها وإلا فصداق المثل وإنما يجوز إمساكها بشرط خوف العنت وعدم الطول بناء على أن الدوام كالابتداء والأظهر خلافه وإذن السيد لها في استخلاف من يعقد عليها أو إذنه لشخص في العقد وإلا فسخ أبدا ( و ) عليه أيضا ( قيمة الولد ) أمسك أو فارق ( دون ماله ) وتعتبر القيمة ( يوم الحكم ) لا يوم الولادة فلو مات قبل يوم الحكم سقطت ( إلا ) أن تكون الأمة الغارة ملكا ( لكجده ) أي المغرور ممن يعتق عليه الولد فلا قيمة فيه على الزوج ( ولا ولاء له ) أي لكالجد عليه ; لأنه حر بالأصالة [ ص: 289 ] أي تخلق على الحرية ( و ) قوم الولد ( على الغرر في ) ولد ( أم الولد ) المغرور بحريتها فيقوم يوم الحكم على غرره لو جاز بيعه لاحتمال موته قبل موت سيد أمه فيكون رقيقا أو بعد موته فيكون حرا ( و ) في ولد ( المدبرة ) لاحتمال موته قبل السيد فيكون رقيقا أو بعده ويحمله الثلث فحر أو يحمل بعضه أو لا يحمل منه شيئا فيرق ما لا يحمله فاحتمال الرق في ولد المدبرة أكثر منه في ولد أم الولد ( وسقطت ) قيمة ولد الغارة عن أبيه ( بموته ) أي الولد قبل الحكم وهذا من فوائد قوله قبل يوم الحكم وصرح به ; لأنه مفهوم غير شرط ولقوة الخلاف فيه ويحتمل عود ضمير موته على سيد الأمة أي تسقط القيمة عن الأب بموت سيدها لخروجه حرا بموته فليس لورثته مطالبة الأب ( و ) لزم أباه لسيد أمه ( الأقل من قيمته أو ديته إن قتل ) الولد قبل الحكم وأخذ الأب ديته فإن اقتص أو هرب القاتل فلا شيء على الأب ; لأنه قبل الحكم بالقيمة فتسقط كموته قبله كما إذا عفا الأب وهل يرجع السيد على الجاني إذا عفا الأب قولان ( أو ) الأقل ( من غرته ) أي الولد إذا ضرب شخص بطنها فألقت جنينا ميتا وهي حية فأخذ الأب فيه من الجاني عشر دية حرة نقدا أو عبدا أو وليدة تساويه وهو المراد بالغرة فيلزم الأب الأقل من ذلك ( أو ما نقصها ) أي الأم وصوابه أو عشر قيمتها أي الأم يوم الضرب ، إذ لا يعرف هنا من قال في جنين الغارة ما نقصها ( إن ألقته ميتا ) وهي حية ( كجرحه ) أي الولد فيلزم أباه لسيد أمه الغارة [ ص: 290 ] الأقل مما نقصته قيمته مجروحا من قيمته سالما يوم الجرح ومما أخذه من الجاني في نظير الجرح وذلك بعد دفع قيمته ناقصا للسيد يوم الحكم ( ولعدمه ) أي الأب أي لعسره أو موته أو فلسه ( تؤخذ ) القيمة ( من الابن ) الموسر عن نفسه ولا يرجع بها على أبيه كما أن الأب إذا غرمها لا يرجع بها على ابنه فإن أعسرا أخذت من أولهما يسارا ( ولا يؤخذ من ولد من الأولاد ) إذا تعددوا ( إلا قسطه ) أي قيمة نفسه فقط ولا يغرم المليء عن أخيه المعدم ( ووقفت ) ( قيمة ولد المكاتبة ) التي غرت زوجها بالحرية فأولدها ، ثم علم بأنها مكاتبة تحت يد عدل ( فإن أدت ) الكتابة وخرجت حرة ( رجعت ) القيمة ( للأب ) لكشف الغيب أنها كانت حرة وقت غرورها ، وإن عجزت أخذها السيد لظهور أنها أمة .

التالي السابق


( قوله : أي المغرور الحر ) كذا في ح ، ثم قال : وأما إذا كان المغرور الذي غرته الأمة أو سيدها عبدا فإنه لا خيار له في ردها كما مر لاتفاقهما في الرقية ويتعين إبقاؤها ويرجع على من غره بالفضل على مهر مثلها كذا في المدونة ونقله ابن يونس وابن عرفة ا هـ .

( قوله : إذا كان الغرور منها أو من سيدها ) أي وأما لو كان الغرور من أجنبي فعليه المسمى ، ثم إن لم يتول العقد فلا رجوع للزوج عليه ، وكذا إن تولاه وأخبر أنه غير ولي خاص ، وأما إن تولاه وأخبر أنه ولي أو لم يخبر بشيء رجع الزوج عليه بجميع الصداق كما مر وما ذكره الشارح من أن غرور السيد مثل غرورها وهو الصواب خلافا لما في خش من جعلها كالمحللة إذا غر سيدها بحريتها فيلزم الزوج قيمتها .

( قوله : الأقل إلخ ) أي لأن من حجة الزوج أن يقول إذا كان المسمى أقل قد رضيت به على أنها حرة فرضاه به على أنها رق أولى ، وإن كان صداق المثل أقل من المسمى فمن حجته أن يقول : لم أدفع المسمى إلا على أنها حرة . والفرق بين الحرة الغارة والأمة الغارة أن الأمة الغارة قد حدث فيها عيب يعود ضرره على السيد فلزم الأقل من المسمى ومن صداق المثل بخلاف الحرة الغارة فلذا لم يكن لها شيء إلا ربع دينار لحق الله .

( قوله : وإلا فصداق المثل ) أي وإلا يرد فراقها بل أراد إبقاءها في عصمته لزمه صداق المثل كذا قال الشارح والذي في عبق والمج أنه إذا أراد إبقاءها في عصمته لزمه المسمى كاستحقاق ما ليس وجه الصفقة كما أفاده القرافي .

( قوله : والأظهر خلافه ) أي لما تقدم عند قوله وأقر على الأمة المجوسية إن عتقت أو أسلمت من عدم اشتراطهما لقول ابن محرز في الموضع المذكور والأرجح عدم فسخه كتزوج أمة بشرطه ، ثم وجد طولا لا ينفسخ نكاحه وهو ظاهر المدونة أيضا هنا حيث خيره بين الفراق والإمساك ولم يشترط خوف العنت ولا عدم الطول وذلك مبني في الموضعين على أن الدوام ليس كالابتداء ا هـ بن .

( قوله : وإلا فسخ أبدا ) أي وليس للزوج الرضا ببقائها زوجة .

( قوله : وتعتبر القيمة ) أي قيمة الولد وقوله : يوم الحكم أي لأن ضمان قيمة الولد سببه منع سيد الأم منه وهو إنما يتحقق يوم الحكم .

( قوله : فلا قيمة فيه على الزوج ) أي فإذا غرته أمة أبيه أو أمة جده من جهة أبيه أو أمه أو أمة أمه بالحرية فتزوجها ظانا حريتها وأولدها ، ثم علم بعد ذلك برقها فإن الولد يعتق على جده أو جدته ولا قيمة فيه ويلزم الزوج [ ص: 289 ] للأمة المذكورة الأقل من المسمى ومن صداق المثل إذا أراد فراقها .

( قوله : أي تخلق على الحرية ) أي أنه عتق بالملك حتى يكون عليه الولاء وفائدة نفي الولاء عن الجد مع أنه يرث بالنسب تظهر لو قيل به في الجد للأم لأنه لا يرث بالنسب .

( قوله : وعلى الغرر ) عطف على مقدر أي وعليه أي المغرور قيمة ولده يوم الحكم على أنه رقيق في غير ولد أم الولد والمدبرة وعلى الغرر في أم الولد أي في ولد أم الولد الغارة والمدبرة ويصح أن يكون قوله : وعلى الغرر معمولا لمحذوف كما قال الشارح .

( قوله : فيقوم يوم الحكم على غرره إلخ ) قال في المدونة ، ولو كانت الغارة أم ولد فلسيدها قيمة أولادها على أبيهم على رجاء العتق لهم بموت سيد أمهم وخوف أن يموتوا في الرق قبله ا هـ .

يعني أنه يقال ما قيمة ذلك الولد إن لو جاز بيعه مع احتمال أنه يخرج حرا بموت سيد الأم وأن يموت في الرق قبله فإذا قيل : قيمته كذا لزم أباه تلك القيمة .

( قوله : والمدبرة ) ما ذكره المصنف مذهب المدونة وصرح في التوضيح أنه المشهور وقال ابن المواز : يلزم الزوج المغرور في ولد المدبرة قيمة عبد قن قال المازري وهو المشهور وعليه أكثر الأصحاب لكن المصنف في التوضيح ، وكذا ابن عرفة لم يعتبرا تشهيره .

( قوله : ولقوة الخلاف فيه ) أي لقوة قول المخالف الذي يقول : لا تسقط قيمته بموته قبل الحكم وهو أشهب القائل : إن قيمة الولد تعتبر يوم الولادة .

( قوله : ويحتمل عود ضمير موته على سيد الأمة ) أي أم الولد والمدبرة .

( قوله : الأقل من قيمته إلخ ) فإن كانت ديته أقل من قيمته فلا يلزم الأب غيرها ; لأنه هو الذي أخذه من القاتل والدية بمنزلة عين الولد ، وإن كانت القيمة أقل من الدية فلا يلزمه غيرها بمنزلة ما لو كان الولد حيا وما زاد من الدية فهو إرث .

( قوله : أو ديته ) المراد بالدية ما يشمل دية الخطأ وصلح العمد .

( قوله : قبل الحكم ) أي على أبيه بقيمته أي وأما إن قتل بعد الحكم على أبيه بالقيمة فاللازم للأب إنما هو القيمة التي حكم عليه بها سواء كانت أقل من الدية أو أكثر .

( قوله : فإن اقتص ) أي الأب من القاتل وقوله : أو هرب القاتل أي بحيث تعذر أخذ الدية منه والقصاص .

( قوله : لأنه ) أي القصاص أو الهروب قبل الحكم بالقيمة وذلك لأن القتل كان قبل الحكم بقيمته فما يتبعه من قصاص أو هروب يكون قبل الحكم بقيمته ; لأنه لما قتل تعذر الحكم بقيمته .

( قوله : كما إذا عفا الأب ) أي فإن القيمة تسقط عنه .

( قوله : وهل يرجع السيد على الجاني إذا عفا الأب قولان ) حاصله أنه إذا عفا الأب فلا يتبع بشيء والخلاف إنما هو في اتباع السيد للجاني بالدية وعدم اتباعه بها وظاهره سواء وقع العفو في عمد أو خطأ وهو ظاهر في العمد ، وأما في الخطأ فينبغي أن يتبع السيد الجاني قولا واحدا كما أنه لو صالح الأب بأقل من الدية فإن السيد يرجع على الجاني بالأقل من تتمة القيمة والدية . مثلا الدية ألف دينار وصالح بخمسمائة والقيمة ستمائة فإذا غرم الأب خمسمائة رجع السيد على الجاني بمائة التي هي تمام القيمة فتمام القيمة مائة وتمام الدية خمسمائة والمائة أقل من الخمسمائة .

( قوله : إذا ضرب شخص بطنها ) أي بطن الأمة الغارة .

( قوله : فيلزم الأب الأقل من ذلك ) أي لسيد الأم ( قوله : أو ما نقصها ) أو بمعنى الواو ; لأن الأقلية أمر نسبي لا يكون إلا بين شيئين .

( قوله : أو عشر قيمتها ) أي فالغرة في السقط بمنزلة الدية وعشر قيمة الأم بمنزلة القيمة فيه فيلزمه الأقل منهما .

( قوله : إذ لا يعرف هنا إلخ ) أي وإن كان هو قول ابن وهب في الجنايات .

( قوله : إن ألقته ميتا ) أي وأما إن ألقته حيا ، ثم مات ففيه الدية ويرجع فيه لقوله أو الأقل من قيمته أو ديته إن قتل .

( قوله : كجرحه ) أي ولد الغارة قبل الحكم على أبيه بلزوم القيمة لسيد أمه [ ص: 290 ]

( قوله : الأقل مما نقصته قيمته مجروحا إلخ ) مثلا قيمته سليما عشرون وناقصا عشرة فما بين قيمته سليما ومجروحا عشرة فينظر للأقل من الأمرين الذي قبضه من الجاني وما بين القيمتين يغرمه للسيد زيادة على قيمته ناقصا فإذا كان قبض من الجاني خمسة دفعها زيادة على قيمته مجروحا ، وإن كان قبض خمسة عشر غرم له عشرة زيادة على قيمته مجروحا والضابط أن أقل الأمرين يغرمه الأب للسيد زيادة على قيمته مجروحا .

( قوله : إلا قسطه ) اعترض بأن التعبير بقيمته أولى ; لأنه أظهر وأجيب بأنه إنما عبر بقسطه لأجل أن يشمل ما إذا دفع الأب بعضا من قيمتهم وأعسر بالباقي فلا إشكال أن الباقي يقسط عليهم بقدر قيمتهم




الخدمات العلمية