الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وضمانه ) أي الصداق إذا ثبت ضياعه من الزوجة بمجرد العقد الصحيح [ ص: 295 ] وبالقبض في الفاسد كالبيع فيهما ( وتلفه ) بدعوى من هو بيده منهما من غير ثبوت كالبيع فالذي يصدق فيه البائع والمشتري يصدق فيه الزوج والزوجة فلا يصدق الزوج فيما يغاب عليه ولم تقم له عليه بينة ، وكذا الزوجة إذا حصل طلاق قبل الدخول وتغرم له نصفه فإن قامت به بينة أو كان مما لا يغاب عليه فمنها إن لم يحصل طلاق وإلا فمنها فعلم أنه يحمل ضمانه على صورة وتلفه على صورة أخرى حتى يتغايرا ، وإن كان سبب الضمان هو التلف فلو اقتصر على إحداهما لأغناه عن الأخرى ( واستحقاقه ) من يدها كالبيع فترجع بمثل المثل والمقوم الموصوف ، وأما المقوم المعين إذا استحق جميعه منها فإنه يوجب الرجوع لها عليه بقيمته ولا يفسخ النكاح بخلاف البيع فيفسخ ( وتعييبه ) أي اطلاعها على عيب قديم فيه يوجب خيارها في التماسك به أو رده وترجع بمثله أو قيمته على ما مر في الاستحقاق من غير فرق ( أو بعضه ) يرجع لهما أي استحقاق بعضه أو تعييب بعضه كالبيع فقوله : ( كالبيع ) خبر عن قوله وضمانه وما عطف عليه على تسامح في بعضها كما بين .

التالي السابق


( قوله : وضمانه إلخ ) يعني أن ضمان الصداق المعين إذا ثبت هلاكه كضمان المبيع ، وقد علمت أن البيع تارة يكون صحيحا وتارة يكون فاسدا فكما أن البيع إذا كان صحيحا فضمان المبيع من المشتري بمجرد العقد سواء كان المبيع بيده أو بيد البائع فكذلك النكاح إن كان صحيحا فإن الزوجة تضمن الصداق بمجرد العقد ولو كان المبيع بيد الزوج والمراد بضمانها له أنه يضيع عليها ، وإن كان البيع فاسدا فإن المشتري لا يضمن المبيع بمجرد العقد بل بالقبض فكذلك النكاح إذا كان فاسدا فإنها لا تضمن الصداق إلا بقبضه وهذا كله إذا لم يحصل طلاق قبل الدخول ، أما إن حصل طلاق قبل الدخول وتلف الصداق والفرض أنه قامت على هلاكه بينة فضمانه منهما سواء كان بيد الزوج أو بيد الزوجة ، فكل من تلف من يده لا يغرم للآخر حصته أما إن كان مما يغاب عليه ولم تقم [ ص: 295 ] على هلاكه بينة وحصل طلاق قبل الدخول فضمانه ممن هو بيده فكل من ضاع في يده يغرم للآخر حصته .

( قوله : وبالقبض في الفاسد ) بأن مضى بكدخول فكالصحيح ، وظاهره أنها إنما يضمن بالقبض في الفاسد سواء كان الفاسد لصداقه أو لعقده وأثر خللا في الصداق وكان لعقده فقط وهو ما رجحه شيخنا تبعا للقاني .

وهناك طريقة أخرى وهي أن ضمانها بالقبض إذا كان فسد النكاح لصداقه دخل أو لم يدخل أو كان فساده لعقده وأثر خللا في صداقه ، وأما لو كان فساده لعقده كان ضمانا بالعقد كالصحيح ويدل لهذا ما يأتي عند قول المصنف وضمنه بعد القبض .

( قوله : وتلفه ) يعني أن تلف الصداق إذا لم يثبت هلاكه وكان مما يغاب عليه كالمبيع إذا لم يثبت هلاكه وكان مما يغاب عليه فكما أن المبيع المذكور ضمانه ممن هلك في يده سواء كان البائع أو المشتري فكذلك الصداق المذكور ضمانه ممن هلك بيده سواء كان الزوج أو الزوجة فإذا كان في يد الزوج وادعى ضياعه وكان قد دخل بها ضمن لها قيمته أو مثله ، وإن كان بيدها ضاع عليها ، وإن كان قد طلق قبل البناء لزم لها نصف الصداق إن ضاع بيده ، وإن كان بيدها غرمت له نصف القيمة أو نصف المثل .

( قوله : فالذي يصدق فيه البائع والمشتري إلخ ) أي وهو ما لا يغاب عليه وما يغاب عليه إذا ثبت هلاكه أي والذي لا يصدق فيه البائع والمشتري لا يصدق فيه الزوج والزوجة وذلك إذا كان مما يغاب عليه ولم تقم على هلاكه بينة .

( قوله : وكذا الزوجة إذا حصل طلاق ) أي والحال أنها قبضت جميعه .

( قوله : فعلم أنه يحمل ضمانه على صورة ) أي وهي إذا كان مما لا يغاب عليه أو مما يغاب وثبت هلاكه ببينة وقوله : وتلفه على صورة أخرى وهي ما إذا كان مما يغاب عليه ولم يثبت هلاكه .

( قوله : وإن كان سبب الضمان هو التلف ) أي فهو بدون ذلك الحل من عطف السبب على المسبب .

( قوله : فإنه يوجب الرجوع لها عليه بقيمته ) أي يوم عقد النكاح .

( قوله : أي اطلاعها إلخ ) الأولى أي اطلاعها على عيب قديم فيه كالمبيع أي مثل اطلاع المشتري على عيب قديم في المبيع فيثبت لها الخيار في التماسك به أو رده وترجع بمثله إن كان مثليا أو مقوما موصوفا وترجع بقيمته إن كان مقوما معينا كما أن المشتري إذا اطلع على عيب قديم كذلك .

( قوله : أو بعضه ) بالرفع عطف على تعييبه على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه ويصح عطفه على الضمير في تعييبه وحينئذ فيجوز فيه الجر والنصب ; لأن الضمير في محل جر باعتبار كونه مضافا إليه وفي محل نصب باعتبار كونه مفعولا للمصدر .

( قوله : أي استحقاق بعضه أو تعييب بعضه كالبيع ) فإذا تزوجها بدار بعينها فاستحق بعضها فإن كان الذي استحق من الدار فيه ضرر بأن كان أزيد من الثلث كان لها أن ترد بقيتها وتأخذ منه قيمتها أو تحسب ما بقي وترجع بقيمة ما استحق ، وإن استحق منها الثلث أو الشيء التافه الذي لا ضرر فيه رجعت بقيمة ما استحق فقط وإذا تزوجها بشيء واحد بعينه أو بعدد معين من رقيق أو حيوان أو مقاطع قماش مثلا واستحق من ذلك جزء قل أو كثر ، ولو اثنين من ثلاثة فلها أن ترد بقيته وترجع بقيمة جميعه أو تحسب ما بقي وترجع بقيمة ما استحق وإذا تزوجها بعرض متعدد معين كعدد من الرقيق ونحوه فوجدت عيبا قديما في بعض ذلك كان ذلك العيب قليلا أو كثيرا فكما تقدم في استحقاق البعض من أن لها أن ترد ما بقي وترجع بقيمة جميعه أو تحسب ما بقي وترجع بقيمة المعيب وهذا مما يخالف فيه الصداق البيع ; لأنه يحرم في البيع التمسك بالأقل مما استحق أو تعيب .

( قوله : على تسامح في بعضها ) أي وهو استحقاق المقوم المعين جميعه أو استحقاق بعضه أو تعييبه إذا كان ذلك البعض المستحق أو المعيب الأكثر فإنه يفسخ البيع بسبب ذلك دون النكاح فإنه لا يفسخ كما مر




الخدمات العلمية