الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما كان الركن الرابع وهو اللفظ قد يقوم مقامه شيء أشار له بقوله ( ولزم ) الطلاق ( بالإشارة المفهمة ) بأن احتف بها من القرائن ما يقطع من عاينها بدلالتها على الطلاق وسواء وقعت من أخرس أو متكلم وإن لم تفهم المرأة ذلك لبلادتها وهي كالصريح فلا تفتقر لنية وأما غير المفهمة فلا يقع بها طلاق ولو قصده ; لأنها من الأفعال لا من الكنايات الخفية خلافا لبعضهم ما لم تكن عادة قوم كما تقدم في الفعل ( و ) لزم أن يقع ( بمجرد إرساله به مع رسول ) أي بقوله أخبرها بطلاقها ولو لم يصل إليها أي يقع بمجرد قوله للرسول ذلك أي بقوله المجرد عن الوصول ( وبالكتابة ) لها أو لوليها ( عازما ) على الطلاق بكتابته فيقع بمجرد فراغه من كتابة هي طالق .

ونحوه لو كتب إذا جاءك كتابي فأنت طالق ، وكذا إن كتبه مستشيرا أو مترددا وأخرجه عازما أو لا نية له عند ابن رشد لحمله على العزم عنده خلافا للخمي ( أو ) كتبه ( لا ) عازما بل مترددا أو مستشيرا ولم يخرجه أو أخرجه كذلك فيحنث ( إن وصل لها ) أو لوليها ولو بغير اختياره وأما إذا لم يكن له نية أصلا فعند ابن رشد يلزمه لحمله على العزم أي النية كما تقدم فتحصل أنه إما أن يكتبه عازما أو مترددا أو لا نية له ، وفي كل إما أن يخرجه كذلك أو لا يخرجه وفي هذه الاثني عشرة صورة إما أن يصل أو لا يقع الطلاق بمجرد كتابته إن عزم أو لا نية له وبإخراجه كذلك في المتردد وصل أو لم يصل وأما إن كتبه مترددا أو لم يخرجه أو أخرجه كذلك فإن وصلها حنث وإلا فلا [ ص: 385 ] فعدم الحنث في صورتين فقط

التالي السابق


( قوله بالإشارة المفهمة ) أي التي شأنها الإفهام ( قوله بأن احتف بها ) أي انضم لها من القرائن ما أي قرينة ( قوله وإن لم تفهم إلخ ) أي هذا إذا فهمت المرأة الطلاق من الإشارة بل وإن لم تفهم ذلك منها ( قوله وأما غير المفهمة ) أي وهي التي لا قرينة معها أو معها قرينة لكن لا يقطع من عاين تلك الإشارة بدلالتها على الطلاق ( قوله خلافا لبعضهم ) أي كخش فإنه ذكر أن غير المفهمة من الكنايات الخفية فلا بد فيها من النية وهو غير صواب كما قال شيخنا ( قوله إرساله ) أي الزوج وقوله به أي بالطلاق فإذا قال الزوج للرسول بلغ زوجتي أني طلقتها أو أخبرها بطلاقها فإنه يقع عليه بمجرد قوله للرسول ولو لم يصل إليها .

( قوله وبالكتابة لها أو لوليها ) الظاهر أنه لا مفهوم لذلك والمدار على العزم أو الوصول ولو لصاحب يخبره مثلا كذا قرر شيخنا ( قوله عازما ) أي ناويا الطلاق حين كتب وسواء أخرج ذلك الكتاب عازما على الطلاق أو مستشيرا أو مترددا أو لا نية له أو لم يخرجه وصل لها أم لا فهذه عشرة ولا يقال كيف يتأتى وصوله إليها والحال أنه لم يخرجه ; لأنا نقول يمكن أن يكتبه ويبقيه من غير إرسال فيأخذه شخص من غير إذنه ويوصله إليها ( قوله فيقع بمجرد فراغه من كتابة إلخ ) أي وإن لم يتم الكتاب ولو لم يرسله ولم يخرجه من عنده .

( قوله ولو كتب إلخ ) أي هذا إذا كتب هي طالق بل ولو كتب إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق وهذا بناء على أن إذا لمجرد الظرفية فينجز كمن أجل الطلاق بمستقبل وفي طفي أنه إذا كتب إن وصل لك كتابي هذا فأنت طالق يوقف الطلاق على الوصول وإذا كتب إذا وصل لك كتابي ففي توقفه على الوصول خلاف وقوي القول بتوقفه على الوصول لتضمن إذا معنى الشرط ( قوله إن كتبه مستشيرا ) أي أنه كتبه على أن يستشير فيه ، فإن رأى أن ينفذه أنفذه وإن رأى أن لا ينفذه لم ينفذه ( قوله وأخرجه عازما ) أي فيقع الطلاق بمجرد إخراجه عازما أو لا نية له وإن لم يصل فهذه ثمان صور ( قوله لحمله ) أي الزوج الكاتب عند عدم النية ( قوله كذلك ) أي مترددا أو مستشيرا .

وحاصله أنه إذا كتبه مترددا أو مستشيرا وأخرجه كذلك أو لم يخرجه فإما أن يصل إليها وإما أن لا يصل إليها ، فإن وصل إليها حنث وإن لم يصل فلا حنث وهذه اثنتا عشرة صورة .

( قوله وأما إذا لم يكن له نية أصلا ) أي حين الكتابة سواء أخرجه عازما أو مترددا أو مستشيرا أو لا نية له أو لم يخرجه وصل إليها أم لا فهذه عشرة أيضا ( قوله وفي هذه الاثنتي عشرة صورة إما أن يصل أو لا ) أي فالصور حينئذ أربع وعشرون وإن نظرت إلى زيادة كونه مستشيرا حين الكتابة وحين الإخراج زادت الصور وبلغت أربعين صورة إلا أن يراد بالتردد ما يشمل المستشير تأمل ( قوله إن عزم أو لا نية له ) أي سواء أخرجه عازما أو مترددا أو لا نية له أو لم يخرجه وسواء وصل لها أو لا فهذه ست عشرة صورة ( قوله وبإخراجه كذلك ) أي عازما أو لا نية له ( قوله في المتردد ) أي فيما إذا كتبه مترددا ( قوله أو لم يصل ) فهذه أربع صور ( قوله وإلا فلا ) فهذه [ ص: 385 ] أربع أيضا ( قوله فعدم الحنث في صورتين فقط ) أما إذا كتبه مترددا ولم يخرجه أو أخرجه مترددا ولم يصل إليها فيهما




الخدمات العلمية