الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( أو صانع ) يضمن ( في مصنوعه ) فقط أي فيما له فيه صنعة كحلي يصوغه وكتاب ينسخه وثوب يخيطه وخشبة يصنعها كذا ثم يدعي تلفه أو ضياعه ( لا ) في ( غيره ) أي لا ضمان عليه فيه ( ولو محتاجا له عمل ) أي ، ولو كان الغير يحتاج عمل المصنوع له فيضمن مصنوعه فقط ; لأنه أمين في ذلك الغير لا صانع فمن دفع لطحان قمحا في قفة ليطحنه له أو دفع لناسخ كتابا لينسخ له منه آخر فادعى ضياع الكل ضمن القمح دون القفة والكتاب المنسوخ دون المنسوخ منه فأحرى في عدم الضمان ما لا يحتاج له العمل وبالغ على ضمان الصانع مصنوعه بقوله [ ص: 28 ] ( وإن ) عمله الصانع ( ببيته أو ) عمله ( بلا أجر ) وسواء تلف بصنعته أو بغيرها إلا أن يكون في صنعته تغرير كثقب اللؤلؤ ونقش الفصوص وتقويم السيوف ، وكذا الختان والطب فلا ضمان إلا بالتفريط .

التالي السابق


( قوله : ولو محتاجا إلخ ) أي هذا إذا كان ذلك الغير لا يحتاج له في عمل المصنوع بل ، ولو كان محتاجا له في عمل المصنوع ( قوله : فأحرى في عدم الضمان ) أي ، وإذا كان لا يضمن في غير المصنوع إذا كان المصنوع يحتاج له فأحرى في عدم الضمان ما لا يحتاج له العمل كزوج نعل أتى به لقواف ليصلح له التالف منه فضاع الصحيح ، ورد المصنف بلو القول المفصل ، والأقوال ثلاثة الأول لسحنون ، وهو ما مشى عليه المصنف وحاصله أنه إنما يضمن مصنوعه ، وأما غيره فلا يضمنه [ ص: 28 ] سواء كان عمل المصنوع يحتاج له أم لا والثاني لابن حبيب كما يضمن مصنوعه يضمن ما لا يستغنى عن حضوره عنده ، سواء احتاج له الصانع أو المصنوع والثالث لابن المواز كما يضمن المصنوع يضمن ما يحتاج له في عمله مثل الكتاب المنتسخ منه دون ما يحتاج له المعمول كظرف القمح هكذا في التوضيح الأقوال الثلاثة عن البيان والذي عزاه المواق لابن المواز الثاني وذكر أن اللخمي اختاره ثم قال فانظر من رجح القول الذي مشى عليه المصنف . ا هـ . بن .

( قوله : وإن ببيته ) أي هذا إذا عمله الصانع في حانوته بل ، وإن عمله في بيته أي بيت نفسه وبالغ عليه دفعا لما يتوهم من عدم ضمانه في هذه الحالة ; لأنه لما عمله في بيته صار كأنه لم ينصب نفسه للعمل للناس ( قوله : إلا أن يكون في صنعته تغرير ) أي تعريض للإتلاف ، وهذا استثناء من قوله وضمن صانع في مصنوعه وكان الأولى للشارح أن يؤخر هذا الاستثناء بعد قول المصنف إلا أن تقوم بينة ، وإلا أن يحضره بشرطه لأجل أن تكون الحالات التي لا يضمن فيها مجتمعة بعضها مع بعض أو يأتي بهذا شرطا رابعا للضمان بعد قوله ويشترط أيضا أن يكون المصنوع مما يغاب عليه فيقول ، وأن لا يكون في الصنعة تغرير ( قوله : كثقب اللؤلؤ ) وكذا خبز العيش في الفرن ( قوله : وكذا الختان والطب ) فإذا ختن الخاتن صبيا أو سقى الطبيب مريضا دواء أو قطع له شيئا أو كواه فمات من ذلك فلا ضمان على واحد منهما لا في ماله ، ولا على عاقلته ; لأنه مما فيه تغرير فكأن صاحبه هو الذي عرضه لما أصابه ، وهذا إذا كان الخاتن أو الطبيب من أهل المعرفة ، ولم يخطئ في فعله فإذا كان أخطأ في فعله ، والحال أنه من أهل المعرفة فالدية على عاقلته فإن لم يكن من أهل المعرفة عوقب ، وفي كون الدية على عاقلته أو في ماله قولان الأول لابن القاسم والثاني لمالك ، وهو الراجح ; لأن فعله عمد والعاقلة لا تحمل عمدا .

( قوله : فلا ضمان ) محل عدم الضمان إذا ادعى التلف بالفعل المستأجر عليه ، وأتى بها تالفة أما لو ادعى ضياعها أو تلفها ، ولم يأت بها فالضمان كذا قرر شيخنا العدوي وقوله : إلا بالتفريط أي بأن علم أنه عالجها على غير الوجه المعهود في علاجها .




الخدمات العلمية