[ ص: 66 ] درس ( باب ) .
ذكر فيه موات الأرض ، وإحياءها وما يتعلق بذلك فقال ( موات الأرض ) بفتح الميم ( ما سلم ) أي أرض سلمت أي خلت ( عن الاختصاص ) بوجه من الوجوه الآتية وهنا تم التعريف وقوله ( بعمارة ) خبر مبتدأ محذوف أي والاختصاص كائن بسبب عمارة من بناء أو غرس ، أو تفجير ماء ونحو ذلك ( ولو اندرست ) تلك العمارة فإن الاختصاص لمن عمرها باق ( إلا لإحياء ) من آخر بعد اندراسها أي مع طول زمانه كما في النقل فإحياؤها من ثان قبل الطول لا تكون له بل للأول كمن فإن ملكه لا يزول عنها ولو طال الزمان إلا الحيازة بشروطها في غير الوقف كما يأتي إن شاء الله تعالى ومفهوم إلا لإحياء أنه إن أحياها ثان بعد طول اختص وأما قبله فلا فإن عمرها جاهلا بالأول فله قيمة بنائه قائما للشبهة ، وإلا فمنقوضا وهذا ما لم يسكت الأول بعد علمه بتعمير الثاني ، وإلا كان سكوته دليلا على تسليمه الأرض لمعمرها ( وبحريمها ) معطوف على محذوف أي [ ص: 67 ] فيختص بالعمارة وبحريمها فالباء للتعدية داخلة على المقصور عليه ، ثم فصل الحريم بقوله ( كمحتطب ) بفتح الطاء أي مكان يقطع منه الحطب ( ومرعى ) مكان الرعي ( يلحق ) ذلك المحتطب والمرعى ( غدوا ) بضم الغين المعجمة والدال المهملة وتشديد الواو ما قبل الزوال ( ورواحا ) ما بعده حال كون المحتطب والمرعى ( لبلد ) يعني إذا عمر جماعة بلدا فإنهم يختصون بها وبحريمها من محتطب ومرعى لدوابهم يلحق كل منهما على عادة الحاطبين والرعاة لقضاء حاجتهم مع مراعاة المصلحة والانتفاع بالحطب وحلب الدواب ونحو ذلك غدوا ورواحا فلا مشاركة لغيرهم فيه ولا يختص به بعضهم دون بعض لأنه مباح لهم ومن أتى منهم بحطب ، أو نحوه فهو له ملك يتصرف فيه تصرف الملاك ( وما لا يضيق على وارد ) من عاقل ، أو غيره حريم لبئر ماشية أو شرب ( و ) ما ( لا يضر بماء ) حريم ( لبئر ) أي بئر الزراعة وغيرها بالنسبة للثاني وبئر الماشية بالنسبة للأول ومراده أن منتهى ما لا يضر ولا يضيق هو منتهى حريم البئر ، وفي نسخة وما يضيق إلخ بدون نفي وهو بيان للحريم الذي لرب البئر المنع منه ( وما فيه مصلحة ) عرفا حريم ( لنخلة ) وشجرة ( ومطرح تراب [ ص: 68 ] ومصب ميزاب ) حريم ( لدار ) ليست محفوفة بأملاك ( ولا تختص ) دار ( محفوفة بأملاك ) بحريم ( ولكل ) من ذوي اشترى أرضا ، أو وهبت له أو وقفت عليه ممن أحياها واندرست ( الانتفاع ) بتلك الفسحة من جلوس وغيره وليس لأحدهم منع آخر ( ما لم يضر بالآخر ) فإن ضر منع ( وبإقطاع الإمام ) عطف على بعمارة أي ويكون الاختصاص بسبب الأملاك التي بينها فسحة إقطاع الإمام أرضا من موات ، أو من أرض تركها أهلها لكونها فضلت عن حاجتهم ولا بناء فيها ولا غرس كما تقدم ومثل الإمام نائبه إن أذن له في الإقطاع ، ثم إقطاع الإمام ليس من الإحياء ، وإنما الإحياء بالتعمير بعده نعم هو تمليك مجرد فله بيعه وهبته ووقفه ويورث عنه إن حازه ; لأنه يفتقر لحيازة قبل المانع كسائر العطايا ، ورجح أنه لا يحتاج لحيازة ولو اقتطعه على أن عليه كذا ، أو كل عام كذا عمل به ، ومحل المأخوذ بيت مال المسلمين لا يختص الإمام به لعدم ملكه لما اقتطعه إن ملكه المقطوع له باقتطاعه ( ولا يقطع ) الإمام ( معمور ) أرض ( العنوة ) ومن الموات ما عمرت ، ثم درست وطال الزمان كمصر والشام والعراق الصالحة لزراعة الحب ( ملكا ) بل إمتاعا وانتفاعا وأما ما لا يصلح لزراعة الحب وليس عقارا للكفار فإنه من الموات يقطعه ملكا ، أو متاعا ، وإن صلح لغرس الشجر ، وإنما لم يقطع المعمور ملكا ; لأنه يصير وقفا بمجرد الاستيلاء عليه وأما ، ثم أرض الصلح فليس للإمام إقطاعها مطلقا إن كان لشخص بعينه انحل عنه بموته واحتاج لإقطاع بعده ، وإن كان لشخص وذريته وعقبه استحقه الذرية بعده للأنثى كالذكر إلا لبيان تفصيل كالوقف وبقي النظر في الالتزام المعروف عندنا ما اقتطعه الإمام من العنوة بمصر وغيرها هل هو من الإقطاع فللملتزم أن يزيد في الأجرة المعلومة عندهم على الفلاحين ما شاء وبه أفتى بعض من سبق ، أو ليس من الإقطاع ، وإنما الملتزم جاب لما على الفلاحين لبيت مال المسلمين ليس له زيادة ولا تنقيص لما ضرب عليهم من السلطان وهو الظاهر كما قدمناه وليس هو من الإجارة في شيء كما يزعمون لما علمت أن بيع منافع معلومة بأجرة معلومة إلى أجل معلوم ( و ) الاختصاص يكون ( بحمى إمام ) أو نائبه المفوض له ، وإن لم يأذن له في خصوص الحمى بخلاف الإقطاع فإنه إنما يفعله النائب إذا أذن له الإمام في خصوصه والحمى بالقصر بمعنى المحمي فهو مصدر بمعنى المفعول وأصل محمي محموي وتثنيته محميان فهو يائي وأصل الحمى عند الجاهلية أن الرئيس منهم إذا نزل بأرض مخصبة استعوى كلبا بمحل عال فحيث انتهى إليه صوته حماه لنفسه من كل جانب فلا يرعى فيه غيره معه ويرعى هو في غيره مع غيره [ ص: 69 ] وهو لا يجوز شرعا حقيقة الإجارة أن يحمي الإمام مكانا خاصا لحاجة غيره فيجوز بأربعة شروط أشار لها بقوله مكانا ( محتاجا إليه ) أي دعت حاجة المسلمين إليه فلا يحمي لنفسه ولا لغيره عند عدم الحاجة ( قل ) بأن لا يضيق على الناس لا إن كثر بأن ضيق عليهم ( من ) مرعى ( بلد عفا ) أي خلا عن البناء والغرس ( لكغزو ) أي لدواب الغزاة والصدقة وضعفاء المسلمين . والحمى الشرعي