الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وندب ) ( أخذ ) عبد ( آبق لمن يعرف ) ربه فيعرف بفتح حرف المضارعة وسكون العين من عرف يتعدى لواحد أي يندب لمن وجد آبقا وعرف ربه أن يأخذه له ; لأنه من باب حفظ الأموال وكلامه محمول على ما إذا لم يخش ضياعه ، وإلا وجب أخذه له ( وإلا ) يعرف ربه ( فلا يأخذه ) أي يكره أخذه ( فإن أخذه رفعه للإمام ) لرجاء من يطلبه منه ( ووقف ) عند الإمام ( سنة ) فإن أرسله فيها ضمن ( ثم ) إذا مضت السنة ولم يجئ ربه ( بيع ) أي باعه الإمام ( ولا يهمل ) أمره بل يكتب اسمه وحليته مع بيان التاريخ والبلد وغير ذلك مما يحتاج لتسجيله ويشهد على ذلك ويجعل ثمنه في بيت المال حتى يعلم ربه ( وأخذ نفقته ) التي أنفقها عليه في السنة من ثمنه ولا يلزمه الصبر إلى أن يحضر ربه وكذا أجرة الدلال ( ومضى بيعه ) أي الإمام للعبد ويجوز ابتداء بعد سنة كما هو صريح قوله ، ثم بيع ( وإن قال ربه كنت أعتقته ) سابقا قبل الإباق ، أو بعده فلا يلتفت لقوله لاتهامه على نقض بيع الإمام بالوجوه الجائزة ، ومفهوم قال أنه إن أثبت ذلك ببينة عمل بها ونقض البيع .

التالي السابق


( قوله : أخذ آبق ) هو من ذهب مختفيا بلا سبب والهارب من ذهب مختفيا لسبب كذا فرق بينهما ولعل هذا فرق بحسب الأصل وإلا فالعرف الآن أن من ذهب مختفيا مطلقا أي لسبب ، أو غيره يقال له آبق وهارب . ( قوله : لمن يعرف ) متعلق ب ندب ولا يقال إن فيه فصلا بين العامل والمعمول ; لأن المضر الفصل بينهما بالأجنبي لا بغيره خصوصا نائب الفاعل فإن رتبته التقديم ويجوز تعلقه بآبق على أنه ظرف لغو ، واللام بمعنى من أي عبد آبق ممن يعرفه الآخذ أي من سيد يعرفه الآخذ . ( قوله : لأنه من باب حفظ الأموال ) فيه أن التعليل يقتضي الوجوب وإنما اشترط معرفة سيده لأجل أن يخبره به من غير إنشاد وتعريف .

( قوله : وإلا وجب أخذه له ) أي وإن علم خيانة نفسه فيجب عليه أخذه وترك الخيانة ولا يكون علمه بخيانته عذرا مسقطا للوجوب ، نعم محل الوجوب إذا خشي ضياعه ما لم يخف على نفسه ضررا من السلطان إذا أخذه ليخبر صاحبه به وإلا حرم عليه أخذه . ( قوله : وإلا فلا يأخذه ) صرح بهذا المفهوم ; لأنه مفهوم غير شرط ولأن عدم ندب أخذه لا يقتضي النهي مع أن المراد الكراهة وليفرع عليه قوله فإن أخذه إلخ . ( قوله : أي يكره له أخذه ) أي لاحتياجه للإنشاد والتعريف فيخشى أن يصل لعلم السلطان فيأخذه . ( قوله : ووقف سنة ) أي وينفق السلطان عليه فيها .

( قوله : ثم بيع ) أي بعدها ما لم يخش عليه قبلها وإلا بيع قبلها كما رواه عيسى عن ابن القاسم ، ابن رشد وهو تقييد لقول المدونة ووقف عند الإمام سنة ، ثم يبيعه بعدها . ( قوله : ويشهد على ذلك ) أي على جميع ما ذكر . ( قوله : حتى يعلم ربه ) أي فإذا جاء من يطلبه قابل ما عنده من الأوصاف على ما كتب في السجل فإن وافق دفع له الثمن . ( قوله : وأخذ نفقته ) بالبناء للفاعل أي وأخذ الإمام نفقته . ( قوله : ولا يلزمه الصبر إلى أن يحضر ربه ) أي بخلاف من أخذه لكونه يعرف ربه فإنه يلزمه الصبر بنفقته حتى يحضر ربه ولا يجوز له بيعه وأخذ نفقته من الثمن قبل مجيء ربه وما ذكره من عدم لزوم الإمام الصبر إلى أن يحضر ربه ظاهره وإن كانت النفقة من بيت المال وهو كذلك ; لأنه للأحرار ومصالحهم ، والعبد غني بسيده فإن عجز عن نفقته ألزم ببيعه ممن ينفق عليه . ( قوله : وإن قال ربه ) أي عند حضوره بعد بيعه وقوله : كنت أعتقته أي ناجزا أو مؤجلا .

( قوله : فلا يلتفت لقوله ) أي وله أخذ الثمن ولا يحرم منه كما استظهره عج وكذا لا يعمل بقوله كنت أولدتها إلا أن يحضر الولد الذي يدعي أنه أولده لها ويقول هذا ولدها فترد إليه إن لم يتهم فيها بمحبة ونحوها وإلا فلا ترد إليه [ ص: 128 ] ويعطى ثمنها .




الخدمات العلمية