الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( ورجع شاهد الدخول ) في الفرع المذكور فهو إظهار في محل الإضمار فلو قال ورجعا كان أخصر ( على الزوج ) بما غرماه له عند رجوعهما عن شهادة الدخول ( بموت الزوجة إن أنكر الطلاق ) أي استمر على إنكاره وهذا شرط في الرجوع يعني أن الزوجة إذا ماتت وهو مستمر على إنكاره طلاقها فإن شاهدي الدخول الراجعين يرجعان عليه بما غرماه له لأن موتها في عصمته على دعواه يكمل عليه الصداق في نكاح التسمية وأما في التفويض فلا رجوع لهما عليه بشيء لأن الموت فيه قبل الدخول لا يوجب شيئا كالطلاق كما مر ومفهوم الشرط أنه لو أقر بطلاقها لم يرجعا عليه بشيء عند موتها لانتفاء العلة المذكورة ( ورجع الزوج ) بعد موت الزوجة [ ص: 212 ] مع إنكاره الطلاق ( عليهما ) أي على شاهدي الطلاق الراجعين عنه وكان الأولى هنا الإظهار لإيهامه رجوع الضمير على شاهدي الدخول ولكنه اتكل على ظهور المعنى ( بما فوتاه من إرث ) منها بشهادتهما عليه بطلاقها قبل البناء إذ لولا شهادتهما لورثها ( دون ما غرم ) لها من نصف صداقها فلا يرجع به عليهما لاعترافه بتكميله عليه بالموت لإنكاره الطلاق وهذه المسألة أعم مما قبلها لأن كل شاهدين شهدا بطلاق امرأة ثم رجعا عن شهادتهما وماتت الزوجة فإن الزوج المنكر لطلاقها يرجع عليهما بما فوتاه من إرثه منها لا فرق بين أن يكون ذلك قبل الدخول أو بعده كان هناك شاهدا دخول أم لا ( ورجعت ) الزوجة إن مات الزوج ( عليهما ) أي على شاهدي الطلاق الراجعين عنه ( بما فوتاها من إرث وصداق ) أي نصفه فيما إذا لم يدخل بها فإن الزوج المشهود عليه يغرم لها النصف فقط ولولا شهادتهما بالطلاق لكانت ترثه وتستحق جميع الصداق فعلم من هذا التقرير أن الموضوع حيث لم يكن إلا شهود طلاق قبل الدخول إذ لو كان هناك شهود دخول أيضا كما هو موضوع ما قبلها لم يكن لها رجوع على شاهدي الطلاق بنصف الصداق إذ لم يفوتا عليها صداقا وهذا كله في المسمى لها كما مر

التالي السابق


( قوله في الفرع المذكور ) أي ما إذا شهدا اثنان بالطلاق وآخران بالدخول وحكم القاضي بجميع الصداق ثم رجع الأربعة ( قوله بموت الزوجة ) أي بسبب موتها ( قوله أي استمر ) جواب عما يقال لا حاجة لذلك الشرط لأن الموضوع أنه منكر للدخول والطلاق وحاصل الجواب أن المراد إن استمر على إنكاره ولم يرجع عنه وحينئذ فالشرط له معنى ( قوله إنه لو أقر بطلاقها ) أي أنه لو رجع عن إنكاره الطلاق وأقر به وقد شهدا عليه بالدخول ثم رجعا عن تلك الشهادة لم يرجعا عليه بشيء عند موتها ( قوله لانتفاء العلة المذكورة ) أي وهي قوله لأن موتها وهي في عصمته على دعواه يكمل لها الصداق وإنما كانت تلك العلة منتفية لأنه حيث كان مقرا بالطلاق فلم تمت على عصمته .

( قوله ورجع الزوج عليهما ) صورته عقد على امرأة وشهد عليه شاهدان أنه طلقها قبل الدخول مع إنكاره لذلك فحكم عليه بالطلاق وغرم نصف الصداق ثم رجع الشاهدان وقد ماتت الزوجة فإن الزوج يرجع عليهما بما فوتاه من الميراث إذ لولا شهادتهما عليه بطلاقها قبل البناء لكان يرثها ولا يرجع عليهما بما غرمه من نصف الصداق لاعترافه لكمال الصداق عليه بالموت في عصمته فعلى هذا لو رجعا عن الشهادة قبل موتها وغرما للزوج نصف الصداق الذي غرمه [ ص: 212 ] لها ثم ماتت رجع عليهما بما فوتاه من الميراث ورجعا عليه بما غرماه له من نصف الصداق ويتراجعان ( قوله مع إنكاره الطلاق ) أي مع استمراره على إنكار الطلاق .

( قوله بطلاقها قبل البناء ) هذا يفيد كما قلنا إن المسألة مفروضة فيما إذا شهد عليه شاهدان أنه طلقها قبل الدخول وأنكر ذلك فحكم عليه بالطلاق وغرم نصف الصداق فبعد مدة ماتت الزوجة والحال أنه مستمر على إنكار الطلاق ورجعت البينة بعد موتها عن الشهادة فيرجع عليهما بما فوتاه من الميراث دون ما غرمه من نصف الصداق وغرم نصف الصداق وأما لو شهدا بأنه طلقها بعد البناء وغرم جميع الصداق ثم رجعا وقد ماتت فإنهما يغرمان له جميع إرثه منها ولا يقال دون ما غرم عليه في هذه الحالة وحينئذ فلا يصح حمل كلام المصنف على هذه الصورة ولهذا كانت المسألة مفروضة في كلام الأئمة المازري وابن شاس وابن عرفة وغيرهم فيما قبل البناء فقط وبهذا يعلم فساد تعميم الشارح في آخر العبارة فتدبر انظر بن .

( قوله وهذه المسألة أعم مما قبلها ) أي ما إذا شهد اثنان بالطلاق واثنان بالدخول وحكم القاضي بالطلاق ولزم جميع الصداق ثم رجع الأربعة ( قوله وماتت الزوجة ) أي قبل رجوع الشاهدين عن الشهادة أو بعد رجوعهما ( قوله يرجع عليهما بما فوتاه من إرثه منها ) أي ولا يرجع بشيء مما غرمه من الصداق على بينة الطلاق إن لم تكن بينة دخول ولا على بينة الدخول إن كان هناك بينة دخول وقد علمت ما فيه ( قوله ورجعت عليهما ) حاصله أنهما إذا فحكم القاضي بالطلاق ونصف الصداق ثم رجعا وقد مات الزوج فإنها ترجع على شاهدي الطلاق بما فاتها من إرثها من زوجها وبنصف صداقها إذ لولا شهادتهما بالطلاق لكانت ترثه ويكمل لها صداقها هذا إن لم يكن هناك بينة دخول وأما لو شهد اثنان بالطلاق وآخران بالدخول فحكم القاضي بالطلاق ويغرم الزوج جميع الصداق ثم مات الزوج ورجع الأربعة عن الشهادة ورجعت الزوجة على بينة الطلاق بما يفوتها من الميراث فقط إذ لم يفتها شيء من الصداق حتى ترجع به على أحد ( قوله عنه ) أي عن الشهادة به ( قوله إذ لم يفوتا عليها صداقا ) لأنه حيث كان هناك بينة دخول لم يفتها من الصداق شيء حتى ترجع به على أحد




الخدمات العلمية