ولما قدم سبب القسامة ذكر تفسيرها بقوله ( وهي ) أي فلا تفرق على أيام ، أو أوقات ( بتا ) أي قطعا بأن يقول بالله الذي لا إله إلا هو لمن ضربه مات ، أو لقد قتله واعتمد البات على ظن قوي ولا يكفي قوله أظن ، أو في ظني ( وإن أعمى ، أو غائبا ) حال القتل لاعتماد كل على اللوث المتقدم بيانه ( بحلفها في الخطإ من يرث المقتول ) من المكلفين ( وإن واحدا ، أو امرأة ) ولو أختا لأم وتوزع على قدر الميراث ; لأنها سبب في حصوله فإن لم يوجد إلا واحد ، أو امرأة في الخطإ حلف الجميع وأخذ حظه من سدس ، أو غيره وسقط ما على الجاني من الدية [ ص: 294 ] لتعذر الحلف من بيت المال . القسامة من البالغ العاقل ( خمسون يمينا متوالية )
( وجبرت اليمين ) إذا وزعت على عدد وحصل كسران ، أو أكثر ( على أكثر كسرها ) ولو كان صاحبه أقل نصيبا كبنت مع ابن فتحلف سبعة عشر يمينا ، وهو ثلاثة وثلاثين وكأم وزوجة وأخ لأم وعاصب على الزوجة اثنا عشر يمينا ونصف وعلى الأخ للأم ثمانية وثلث وعلى الأم ستة عشر وثلثان فتحلف بسبعة عشر ; لأن كسرها أكثر ويسقط الكسر الذي على الأخ للأم ويكمل كل من الزوجة ، والعاصب يمينه للتساوي ( وإلا ) بأن تساوت الكسور كثلاث بنين على كل ستة عشر وثلثان ( فعلى الجميع ) أي على كل منهم تكميل ما انكسر عليه ( ولا يأخذ أحد ) شيئا من الدية ( إلا بعدها ) أي بعد حلف جميعها ( ثم ) بعد حلف الحاضر جميع أيمان القسامة وكان بعضهم غائبا ، أو صبيا ( حلف من حضر ) من غيبته أي ، أو الصبي إذا بلغ ( حصته ) من أيمان القسامة فقط وأخذ نصيبه من الدية ( وإن ) ( حلفت العاقلة ) أي عاقلة القاتل يحلف كل منهم يمينا واحدة ولو كثروا جدا ما لم يكونوا أقل من خمسين ، وإلا حلفوا الخمسين كل واحد ما ينوبه فإن لم يكن عاقلة حلف الجاني الخمسين وبرئ فإن نكل غرم ( فمن ) حلف من عاقلة الجاني برئ ولا غرم عليه . ( نكلوا ) أي الورثة ( أو ) نكل ( بعض ) منهم حلف البعض الآخر جميع الأيمان وأخذ حصته فقط
ومن ( نكل ) منهم ( فحصته ) فقط من الدية [ ص: 295 ] يغرمها للناكلين من ورثة المقتول ( على الأظهر ) عند من أقوال خمسة ، وهو راجع لقوله ، وإن نكلوا إلخ ابن رشد وأما النساء فلا يحلفن في العمد لعدم شهادتهن فيه فإن انفردن صار المقتول كمن لا وارث له فترد الأيمان على المدعى عليه ( وإلا ) يكن له عصبة نسب ( فموالي ) أعلون ذكور اثنان فأكثر لا أسفلون ولا أنثى ولو مولاة النعمة ; إذ لا دخل لها في العمد ( وللولي ) واحدا ، أو أكثر ( الاستعانة ) في القسامة ( بعاصبه ) أي عاصب الولي ، وإن لم يكن عاصب المقتول كامرأة قتلت ليس لها عاصب غير ابنها وله إخوة من أبيه فيستعين بهم ، أو ببعضهم ، أو يستعين بعمه مثلا فقوله بعاصبه أي جنس عاصبه واحدا ، أو أكثر ، واللام في للولي بمعنى على إن كان واحدا وللتخيير إن تعدد . ( ولا يحلف ) أيمان القسامة ( في العمد أقل من رجلين عصبة ) من النسب سواء ورثوا أم لا
( وللولي فقط ) إذا استعان بعاصبه ( حلف الأكثر ) من حصته التي تنوبه بالتوزيع ( إن لم تزد ) الأيمان التي يحلفها ( على نصفها ) أي الخمسين فإن زادت على خمس وعشرين فليس له حلف الأكثر فلو وجد الولي عاصبا حلف كل خمسا وعشرين ولا يمكن من أكثر ، وإن وجد عاصبين ، أو أكثر وزعت عليهم وله فقط أن يزيد على ما ينوبه إلى خمسة وعشرين ولا يمكن من الزائد كما لا يمكن غيره أن يزيد على ما ينوبه بالتوزيع كما أشار له بقوله فقط يريد من نصيب الولي [ ص: 296 ] وأما من حصة مستعان به آخر فله ذلك ( ووزعت ) الأيمان على مستحق الدم فإن زادوا على خمسين اجتزأ منهم بخمسين ; لأن الزيادة على ذلك خلاف سنة القسامة ( واجتزئ ) في حلف جميعها ( باثنين طاعا من أكثر ) غير ناكلين ( ونكول المعين غير معتبر ) ; إذ لا حق له في الدم ( بخلاف ) نكول ( غيره ) من ، أولياء الدم فيعتبر إذا كانوا في درجة واحدة كبنين ، أو إخوة ( ولو بعدوا ) في الدرجة عن المقتول كبني عم إذا استووا درجة ولا عبرة بنكول أبعد مع أقرب فإن نكل بعض من يعتبر وسقط الدم ( فترد ) أيمان ( على المدعى عليهم ) بالقتل ( فيحلف كل ) منهم ( خمسين ) يمينا إن تعددوا ; لأن كل واحد منهم متهم بالقتل .
وإن كان لا يقتل بالقسامة إلا واحد فإذا كان المتهم واحدا حلفها ( ومن نكل حبس حتى يحلف ) ، أو يموت في السجن ( ولا استعانة ) لمن ردت عليه بغيره ولو واحدا ورجح بعضهم الاستعانة هنا أيضا كالولي ( وإن أكذب بعض ) أي بعض ، أولياء الدم ( نفسه ) بعد الحلف ، أو قبله ( بطل ) الدم فلا قود [ ص: 297 ] ولا دية ترد إن أخذت ( بخلاف عفوه ) أي البعض بعد القسامة ( فللباقي نصيبه من الدية ) وأما قبل القسامة فكالتكذيب فلا شيء لغير العافي .
( ولا ينتظر ) في القسامة ( صغير ) معه كبير مساو له في الدرجة فيقسم الكبير إذا تعدد ، أو يستعين بعاصبه ويقتل الجاني إثر القسامة ( بخلاف المغمى عليه والمبرسم ) فينتظران لقرب إفاقتهما ( إلا أن لا يوجد غيره ) أي غير الصغير من ولي ولا معين ويحتمل عود الضمير على الكبير ، وهو أقعد معنى أي إلا أن لا يوجد غير الكبير مع الصغير ( فيحلف الكبير حصته ) خمسا وعشرين من الآن ( والصغير ) حاضر ( معه ) ; لأنه أرهب في النفس وحضوره مع الكبير مندوب لا شرط ; لأن هذا منكر من أصله في المذهب ولا يؤخر حلف الكبير إلى بلوغ الصغير ويحبس المدعى عليه لبلوغ الصبي فيحلف خمسا وعشرين يمينا ويستحق الدم ما لم يعف فإن مات قبل البلوغ بطل الدم على الوجه المتقدم ( و ) وجب بها ( القود في العمد من واحد ) متعلق بالقود ( تعين لها ) أي للقسامة بتعيين المدعي على جماعة استووا في العمد مع وجود اللوث يقولون لمن ضربه مات ولا يقولون لمن ضربهم ولا يقتل بها أكثر من واحد ولا غير معين لها . ( ووجب بها ) أي بالقسامة ( الدية في الخطإ )
ولما قدم أن القسامة سببها قتل الحر المسلم ذكر حكم مفاهيم ذلك بقوله ( ومن ) ( أو ) ( أقام شاهدا ) واحدا ( على جرح ) خطأ ، أو عمدا فيه شيء مقدر شرعا ( أو جنين ) ألقته أمه ميتا ( حلف ) مقيم الشاهد يمينا ( واحدة ) في الجميع ( وأخذ الدية ) من الجاني [ ص: 298 ] ومراده بالدية المؤدى فيشمل دية الجرح ، والكافر وقيمة العبد وغرة الجنين فإن كان الجرح عمدا ليس فيه شيء مقدر اقتص فيه بالشاهد ، واليمين كما تقدم ( وإن ) ( قتل كافر ، أو عبد ) عمدا ، أو خطأ كان القاتل مسلما ، أو عبدا أو لا ( برئ الجارح ) ومن معه ( إن حلف ) المدعى عليه من جارح ، أو غيره ( وإلا ) يحلف غرم ما وجب عليه في جميع الصور إلا في جرح العمد فإنه إن نكل فيه ( حبس ) فإن طال حبسه عوقب وأطلق فعبارته توهم خلاف المراد ولما قدم أن الجنين كالجرح لا قسامة فيه فرع على ذلك قوله ( فلو ) ( نكل ) المدعى عن اليمين مع الشاهد ( ففيها القسامة ) ; لأن قولها لوث ( ولا شيء في الجنين ولو استهل ) ; لأنه إن لم يستهل ، فهو كالجرح لا قسامة فيه ، وإن استهل ، فهو بمنزلة قولها قتلني فلان وقتل فلانا معي وذلك ملغى في فلان . ( قالت ) امرأة حامل ( دمي وجنيني عند فلان ) وماتت