ثم شرع يتكلم على بعض أشياء توجب الضمان فقال ( كطبيب جهل ) التشبيه في الضمان أي أن ، فإنه يضمن والضمان على العاقلة في المسألتين إلا فيما دون الثلث ففي ماله كما في النقل ; لأنه خطأ ومفهوم الوصفين أنه إذا لم يقصر وهو عالم أنه لا ضمان عليه بل هدر ( أو ) داوى ( بلا إذن معتبر ) بأن كان بلا إذن أصلا أو بإذن غير معتبر شرعا كأن داوى صبيا بإذنه ، فإنه يضمن ولو علم ولم يقصر ( ولو ) الطبيب في زعمه إذا جهل علم الطب في الواقع ( أو ) علم و ( قصر ) في المعالجة حتى مات المريض بسبب ذلك فيضمن ما سرى ; لأن إذنه غير معتبر ( إذن عبد بفصد أو حجامة أو ختان ) [ ص: 356 ] فيضمن المال في ماله والدية على عاقلته إلا أن يكون في مكان بعيد لا يظن فيه الوصول إلى المحروق عادة فلا ضمان ( وكتأجيج نار في يوم عاصف ) أي شديد الريح فأحرقت شيئا فيضمن صاحبه بشروط ثلاثة أشار لها بقوله ( مال ) بعد أن كان مستقيما ( وأنذر صاحبه ) بأن قيل له : أصلح جدارك ويشهد عليه بذلك عند حاكم أو جماعة المسلمين ولو مع إمكان حاكم كما ( وكسقوط جدار ) على شيء فأتلفه للجيزي ( وأمكن تداركه ) بأن يتسع الزمان الذي يمكن الإصلاح فيه ولم يصلح فيضمن المال والدية في ماله ومفهوم مال أنه لو بناه مائلا ابتداء فسقط على شيء أتلفه لضمن بلا تفصيل ، ومفهوم أنذر أنه إذا لم ينذر أي مع الإشهاد فلا ضمان عليه إلا أن يعترف بذلك مع تفريطه فيضمن ، وخرج بقوله صاحبه المرتهن والمستعير والمستأجر فلا يعتبر فيهم الإنذار إذ ليس لهم هدم ومفهوم أمكن تداركه أنه إذا لم يمكن بأن سقط قبل زمن يمكن فيه التدارك لم يضمن ( أو ) فيضمن الدية في ماله وهذا إن قصد بسل يده قلعها . ( عضه فسل يده فقلع أسنانه )
وأما إن قصد تخليص يده أو لا قصد له فلا ضمان وهو محمل الحديث هذا هو الراجح ( أو ) ضمن يعني اقتص منه على المعتمد لا ضمن الدية كما هو مقتضى عطفه على ما قبله ( وإلا ) يقصد بالرمي عينه بل قصد زجره ( فلا ) ضمان بمعنى لا قود فلا ينافي أن عليه الدية لكن على العاقلة على المعتمد ( نظر له من كوة ) أو غيرها كباب ( فقصد عينه ) أي رماها بحجر ونحوها ففقأها من نفس أو مال فلا ضمان على ربه أصلا مطلقا بل هدر ومثله الظلة قال ( كسقوط ميزاب ) متخذ للمطر على شيء فأتلفه المصنف وينبغي أن يقيد عدم الضمان بما في مسألة الجدار ( أو بغت ) بفتح الغين المعجمة فعل ماض و ( ريح ) فاعله أي فجأ ويجوز إسكانها على أنه [ ص: 357 ] مصدر مجرور وريح مضاف إليه ( لنار ) أوقدها إنسان في وقت لا ريح فيه فأصابها الريح بغتة فرفعها إلى شيء فتلف فلا ضمان ; لأنه غير متعد ( كحرقها ) أي النار شخصا ( قائما لطفئها ) خوفا على زرع أو نفس أو مال فهدر وظاهره سواء كان فاعلها يضمن ما أتلفت كما إذا أججها في يوم عاصف أم لا وهو ظاهر حل البساطي