الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ثم شرع في أمثلة المثلة التي توجب الحكم بالعتق بقوله ( كقلع ظفر ) [ ص: 369 ] لأنه لا يخلف غالبا إلا بعضه وهو شين ( وقطع بعض أذن ) أو شرطها كما في ابن عرفة ( أو ) قطع بعض ( جسد ) من أي موضع ويدخل فيه الخصاء والجب ولو قصد بذلك استزادة الثمن فيعتق بالحكم فلو لم يحصل حكم كما هو شأن زماننا فهو على رقه وبيعه صحيح ( أو ) قطع ( سن ) أي قلعها ( أو سحلها ) أي بردها بالمبرد ويسمى المسحل بكسر الميم وما ذكره في السن ومثله السنان هو الراجح .

وأما الأكثر فباتفاق ( أو خرم أنف ) ولو لأنثى إلا لزينة ( أو حلق شعر ) رأس ( أمة رفيعة أو لحية ) عبد ( تاجر ) لكن المعتمد أنهما لا يعتقان به فكان الأولى أن لا يذكر حلق ما ذكر من أمثلة المثلة لعودهما لأصلهما في زمن قليل ( أو وسم وجه بنار لا غيره ) أي الوجه من الأعضاء بالنار فليس بمثلة وهو ضعيف والراجح مذهب المدونة أنه مثلة إن تفاحش ( وفي غيرها ) أي غير النار ( فيه ) أي في الوجه كوسمه في وجهه بمداد وإبرة على ما يفعله الناس ( قولان ) بالعتق وعدمه ; لأنه يفعل للزينة وهو قول ابن القاسم والراجح أنه مثلة إن كان بالوجه وإلا فلا ( والقول للسيد ) بيمين إذا مثل بعبده ( في نفي العمد ) وأنه وقع منه خطأ أو لتداو وادعى العبد أنه عمد به بالمثلة وكذا الزوج إذا ادعى الخطأ أو الأدب لزوجته وادعت العمد بجامع الأذن في كل قاله سحنون إلا أن يكون السيد أو الزوج معروفا بالعداء والجراءة فلا يصدق ( لا في عتق ) لعبده ( بمال ) أي عليه فليس القول للسيد بل للعبد بيمين أنه أعتقه مجانا ; لأن الأصل عدم المال

التالي السابق


( قوله : لأنه لا يخلف غالبا إلا بعضه وهو شين ) كذا نسخة الشارح بخطه والأولى كما في عبارة غيره ; لأنه لا يخلفه غالبا وهو شين لا بعضه أي فليس قلعه مثلة ( قوله : ولو قصد بذلك استزادة الثمن ) أي على المعتمد كما هو ظاهر إطلاق المدونة وابن أبي زمنين في المقرب والمنتخب وابن أبي زيد في مختصره كذا قال ح ثم ذكر أنه يفهم من كلام اللخمي أنه إذا خصاه ليزيد ثمنه لا بقصد التعذيب أنه لا يعتق عليه ، وإن كان ذلك لا يجوز بإجماع انظر بن ( قوله : فيعتق بالحكم ) أي على المعتمد خلافا لأشهب حيث قال إذا خصى عبده أو جبه ، فإنه يعتق عليه بغير حكم

( قوله أي بردها بالمبرد ) أي حتى أزال منفعتها وقوله ويسمى أي المبرد ( قوله : وما ذكره في السن ) أي من أن قلعها أو سحلها مثلة يوجب الحكم بالعتق ومثله السنان وهو الراجح أي وهو قول مالك في كتاب محمد وقال أصبغ : إنه لا يوجب الحكم بالعتق هذا وظاهر الشارح أن الخلاف مصرح به في قلع السن وبردها وفيه نظر إذ لم يذكر اللخمي وعياض وابن عرفة والتوضيح الخلاف إلا في قلع السن أو السنين ولم يتعرضوا لذلك في السحل في الواحدة أو الاثنين انظر بن ( قوله لكن المعتمد إلخ ) كذا قال الشارح تبعا لعبق قال بن انظر من أين أتى له أنه المعتمد وقد اقتصر ابن الحاجب وابن عرفة على ما عند المصنف ونص ابن عرفة ابن رشد روى ابن الماجشون حلق لحية العبد النبيل ورأس الأمة الرفيعة مثلة لا في غيرهما ولم يذكرا مقابلا له ا هـ كلامه ( قوله : أو وسم وجه بنار ) ظاهره سواء كان كتابة أو كيا ; لأنه يشين وهو ظاهر ابن الحاجب أيضا واختاره شيخنا لكن اعترضه في التوضيح بأن ظاهر النقل أن التفصيل بين الوجه وغيره إنما هو فيما كان كتابة ظاهرة ، وأما ما كان مجرد علامة بالنار في الوجه أو غيره فليس بمثلة وهذا أيضا ظاهر نقل ابن عرفة عن اللخمي ا هـ بن وحاصله أن الوسم بالنار إذا كان مجرد علامة فلا يكون مثلة سواء كان في الوجه أو غيره ، وأما إن كان كتابة ظاهرة أو كان غير كتابة وكان متفاحشا ، فإن كان في الوجه فهو مثلة اتفاقا ، وإن كان في غيره فقولان ظاهر المصنف أنه غير مثلة ومذهب المدونة أنه مثلة وهو الراجح ( قوله : لا غيره ) أي ولا وسم غيره من الأعضاء بالنار ( قوله : وفي غيرها ) أي وفي الوسم بغيرها ( قوله : والراجح أنه مثلة ) قال بن انظر من أين جاء هذا الترجيح وظاهر ابن الحاجب والتوضيح وابن عرفة عن اللخمي أنهما قولان متساويان ( قوله : وإلا فلا ) أي وإلا يكن بالوجه بل كان بغيره فليس بمثلة اتفاقا ( قوله : والقول للسيد في نفي العمد ) أي وكذا القول قوله نفي قصد الشين إذا اتفقا على العمد واختلفا في قصده ; لأن الشأن أن الناس لا يقصدون المثلة بعبيدهم ( قوله وادعت العمد ) أي وأرادت الطلاق عليه للضرر أو أرادت تأديبه ( قوله : بجامع الإذن ) أي في الأدب لكل منهما ( قوله فلا يصدق ) أي وحينئذ فيحكم عليه بعتق الرقيق وطلاق الزوجة ( قوله : لأن الأصل إلخ ) أي لأن السيد مقر بالعتق والأصل فيه عدم المال




الخدمات العلمية