45 - ( المنحة في السبحة )
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد ، فقد طال السؤال عن فجمعت فيها هذا الجزء متتبعا فيه ما ورد فيها من الأحاديث والآثار ، والله المستعان . السبحة هل لها أصل في السنة ؟
أخرج ، ابن أبي شيبة وأبو داود ، ، والترمذي ، والنسائي والحاكم وصححه ابن عمرو قال : " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيده " . عن
وأخرج ابن أبي شيبة ، وأبو داود ، ، والترمذي والحاكم عن بسيرة - وكانت من المهاجرات - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " . عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن فتنسين التوحيد واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات "
وأخرج ، الترمذي والحاكم ، والطبراني قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن فقال : ما هذا يا بنت صفية حيي ؟ قلت : أسبح بهن ، قال : قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا ، قلت : علمني يا رسول الله قال : " قولي سبحان الله عدد ما خلق من شيء " صحيح أيضا . عن
وأخرج أبو داود ، وحسنه ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن حبان والحاكم وصححه : " أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى - أو حصى - تسبح فقال : أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل ؟ قولي سبحان الله عدد ما خلق في السماء ، سبحان الله عدد ما خلق في الأرض ، سبحان الله عدد ما بين ذلك ، وسبحان الله عدد ما هو خالق ، الله أكبر مثل ذلك ، والحمد لله مثل ذلك ، ولا إله إلا الله مثل ذلك ، ولا قوة إلا بالله مثل ذلك " سعد بن أبي وقاص . عن
وفي جزء ، ومعجم الصحابة هلال الحفار ، وتاريخ للبغوي ابن عساكر من طريق عن معتمر بن سليمان عن جده أبي بن كعب بقية ، عن أبي صفية مولى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان [ ص: 4 ] يوضع له نطع ، ويجاء بزنبيل فيه حصى فيسبح به إلى نصف النهار ، ثم يرفع فإذا صلى الأولى أتى به ، فيسبح به حتى يمسي .
وأخرجه في الزهد ، ثنا الإمام أحمد عفان ، ثنا عن عبد الواحد بن زياد عن أمه قالت : رأيت يونس بن عبيد أبا صفية - رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان جارنا - قالت : فكان يسبح بالحصى .
وأخرج ابن سعد عن حكيم بن الديلي أن كان يسبح بالحصى . سعد بن أبي وقاص
وأخرج في المصنف عن مولاة ابن أبي شيبة لسعد ، أن سعدا كان يسبح بالحصى ، أو النوى ، وقال ابن سعد في الطبقات : أنا ، أنا عبيد الله بن موسى إسرائيل عن جابر عن امرأة حدثته عن فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب ، أنها كانت تسبح بخيط معقود فيها .
وأخرج في زوائد الزهد من طريق عبد الله ابن الإمام أحمد نعيم بن محرز بن أبي هريرة عن جده أنه كان له خيط فيه ألفا عقدة فلا ينام حتى يسبح به . أبي هريرة
وأخرج أحمد في الزهد ، ثنا مسكين بن نكير ، أنا ثابت بن عجلان عن القاسم بن عبد الرحمن قال : كان نوى من نوى العجوة في كيس فكان إذا صلى الغداة أخرجهن واحدة واحدة يسبح بهن حتى ينفدن . لأبي الدرداء
وأخرج ابن سعد عن أنه كان يسبح بالنوى المجزع ، وقال أبي هريرة الديلي في مسند الفردوس : أنا عبدوس بن عبد الله ، أنا أبو عبد الله الحسين بن فتحويه الثقفي ، ثنا علي بن محمد بن نصرويه ، ثنا محمد بن هارون بن عيسى بن المنصور الهاشمي ، حدثني محمد بن علي بن حمزة العلوي ، حدثني عبد الصمد بن موسى ، حدثتني زينب بنت سليمان بن علي ، حدثتني أم الحسن بنت جعفر بن الحسين ، عن أبيها عن جدها عن علي مرفوعا : " نعم المذكر السبحة " .
وأخرج عن ابن أبي شيبة أنه كان يسبح بالحصى . أبي سعيد الخدري
وأخرج من طريق أبي نضرة عن رجل من الطفاوة ، قال : نزلت على إبراهيم ومعه كيس فيه حصى أو نوى فيسبح به حتى ينفد .
وأخرج عن قال : أخذت من أم زاذان يعفور تسابيح لها فلما أتيت عليا قال : اردد على أم يعفور تسابيحها .
ثم رأيت كتاب تحفة العباد ومصنفه متأخر عاصر الجلال البلقيني - فصلا حسنا [ ص: 5 ] في السبحة قال فيه ما نصه : قال بعض العلماء : عقد التسبيح بالأنامل أفضل من السبحة لحديث ابن عمرو ، لكن يقال إن المسبح إن أمن من الغلط كان عقده بالأنامل أفضل وإلا فالسبحة أولى .
وقد اتخذ السبحة سادات يشار إليهم ويؤخذ عنهم ، ويعتمد عليهم ، رضي الله عنه كان له خيط فيه ألفا عقدة ، فكان لا ينام حتى يسبح به ثنتي عشرة ألف تسبيحة قاله كأبي هريرة عكرمة ، وفي سنن أبي داود من حديث أبي نضرة الغفاري قال : حدثني شيخ من طفاوة قال : تثويت أبا هريرة بالمدينة فلم أر رجلا أشد تشميرا ولا أقوم على ضيف منه قال : فبينما أنا عنده يوما وهو على سرير له ومعه كيس فيه حصى أو نوى وأسفل منه جارية سوداء ، وهو يسبح بها حتى إذا أنفد ما في الكيس ألقاه إليها فأعادته في الكيس فدفعته إليه يسبح - قوله تثويت - أي تضيفته ونزلت في منزله - والمثوى المنزل وقيل : كان رضي الله عنه يسبح بالنوى المجزع - يعني الذي حك بعضه حتى ابيض شيء منه ، وترك الباقي على لونه - وكل ما فيه سواد وبياض - فهو مجزع - قاله أهل اللغة : وذكر أبو هريرة الحافظ عبد الغني في الكمال في ترجمة رضي الله عنه ، أنه كان يسبح في اليوم مائة ألف تسبيحة ، وذكر أيضا عن أبي الدرداء عويمر قال : كان سلمة بن شبيب يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ ، فلما وضع ليغسل جعل بأصبعه كذا يحركها - يعني بالتسبيح - ، ومن المعلوم المحقق أن المائة ألف بل والأربعين ألفا وأقل من ذلك لا يحصر بالأنامل فقد صح بذلك وثبت أنهما كانا يعدان بآلة والله أعلم . خالد بن معدان
وكان رحمة الله عليه سبحة فقام ليلة والسبحة في يده قال : فاستدارت السبحة فالتفت على ذراعه وجعلت تسبح فالتفت لأبي مسلم الخولاني أبو مسلم والسبحة تدور في ذراعه وهي تقول : سبحانك يا منبت النبات ويا دائم الثبات ، قال : هلمي يا أم مسلم فانظري إلى أعجب الأعاجيب ، قال : فجاءت أم مسلم والسبحة تدور وتسبح فلما جلست سكتت . ذكره أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري في كتاب كرامات الأولياء .
وقال الشيخ الإمام العارف عمر البزار : كانت سبحة الشيخ أبي الوفا كاكيش - وبالعربي عبد الرحمن - التي أعطاها لسيدي الشيخ محيي الدين عبد القادر الكيلاني قدس الله أرواحهم إذا وضعها على الأرض تدور وحدها حبة حبة .
وذكر القاضي أبو العباس أحمد بن خلكان في وفيات الأعيان أنه رئي في يد [ ص: 6 ] رحمه الله يوما سبحة فقيل له : أنت مع شرفك تأخذ بيدك سبحة ؟ قال : طريق وصلت به إلى ربي لا أفارقه ، قال : وقد رويت في ذلك حديثا مسلسلا - وهو ما أخبرني به شيخنا الإمام أبي القاسم الجنيد بن محمد أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد الله من لفظه - ورأيت في يده سبحة ، قال : أنا الإمام أبو العباس أحمد بن أبي المحاسن يوسف بن البانياسي بقراءتي عليه ورأيت في يده سبحة ، قال : أنا أبو المظفر يوسف بن محمد بن مسعود الترمذي ، ورأيت في يده سبحة ، قال : قرأت على شيخنا أبي الثناء ، ورأيت في يده سبحة ، قال : أنا عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر ، ورأيت في يده سبحة ، قال : أنا أبو محمد يوسف بن أبي الفرج عبد الرحمن بن علي ، ورأيت في يده سبحة ، قال : أنا أبي ورأيت في يده سبحة ، قال : قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، ورأيت في يده سبحة ، قال : قرأت على ورأيت في يده سبحة ، قلت له : سمعت أبي محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي أبا بكر محمد بن علي السلمي الحداد ، ورأيت في يده سبحة ؟ فقال : نعم ، قال : رأيت ، ورأيت في يده سبحة ، قال : رأيت أبا نصر عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر المقري أبا الحسن علي بن الحسن بن أبي القاسم المترفق الصوفي وفي يده سبحة ، قال : سمعت أبا الحسن المالكي يقول : وقد رأيت في يده سبحة ، فقلت له : يا أستاذ وأنت إلى الآن مع السبحة ، فقال : كذلك رأيت أستاذي الجنيد وفي يده سبحة ، فقلت له : يا أستاذ وأنت إلى الآن مع السبحة ؟ قال : كذلك رأيت أستاذي وفي يده سبحة ، فقلت : يا أستاذ أنت مع السبحة ؟ فقال : كذلك رأيت أستاذي سري بن مغلس السقطي وفي يده سبحة ، فسألته عما سألتني عنه فقال : كذلك رأيت [ معروفا الكرخي بشرا الحافي وفي يده سبحة ، فسألته عما سألتني عنه فقال : كذلك رأيت ] أستاذي عمر المالكي وفي يده سبحة ، فسألته عما سألتني عنه ، فقال : كذلك رأيت أستاذي وفي يده سبحة ، فقلت : يا أستاذ مع عظم شأنك وحسن عبادتك وأنت إلى الآن مع السبحة ؟ فقال لي : شيء كنا استعملناه في البدايات ما كنا نتركه في النهايات ، أحب أن أذكر الله بقلبي وفي يدي ولساني ، فلو لم يكن في اتخاذ السبحة غير موافقة هؤلاء السادة والدخول في سلكهم والتماس بركتهم ، لصارت بهذا الاعتبار [ من أهم الأمور وآكدها ] ، فكيف بها وهي مذكرة بالله تعالى ; لأن الإنسان قل أن يراها إلا [ ص: 7 ] ويذكر الله وهذا من أعظم فوائدها ، وبذلك كان يسميها بعض السلف رحمه الله تعالى . ومن فوائدها أيضا الاستعانة على دوام الذكر ، كلما رآها ذكر أنها آلة للذكر فقاده ذلك إلى الذكر ، فيا حبذا سبب موصل إلى دوام ذكر الله عز وجل ، وكان بعضهم يسميها حبل الوصل ، وبعضهم رابطة القلوب . وقد أخبرني من أثق بقوله : أنه كان مع قافلة في درب الحسن البصري بيت المقدس فقام عليهم سرية عرب وجردوا القافلة جميعهم وجردوني معهم ، فلما أخذوا عمامتي سقطت مسبحة من رأسي فلما رأوها ، قالوا : هذا صاحب سبحة فردوا علي ما كان أخذ لي ، وانصرفت سالما منهم . فانظر يا أخي إلى هذه الآلة المباركة الزاهرة وما جمع فيها من خيري الدنيا والآخرة ، ولم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من جواز عد الذكر بالسبحة ، بل كان أكثرهم يعدونه بها ولا يرون ذلك مكروها ، وقد رئي بعضهم يعد تسبيحا فقيل له : أتعد على الله ؟ فقال : لا ولكن أعد له ، والمقصود أن أكثر الذكر المعدود الذي جاءت به السنة الشريفة لا ينحصر بالأنامل غالبا ، ولو أمكن حصره لكان الاشتغال بذلك يذهب الخشوع وهو المراد والله أعلم .
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن بكر بن خنيس عن رجل سماه قال : كان في يد سبحة يسبح بها ، قال : فقام والسبحة في يده فاستدارت السبحة فالتفت على ذراعه وجعلت تسبح ، فالتفت أبي مسلم الخولاني أبو مسلم والسبحة تدور في ذراعه وهي تقول : سبحانك يا منبت النبات ويا دائم الثبات ، فقال : هلم يا أم مسلم وانظري إلى أعجب الأعاجيب فجاءت أم مسلم والسبحة تدور تسبح فلما جلست سكنت . وقال عماد الدين المناوي في سبحة :
ومنظومة الشمل يخلو بها اللبيب فتجمع من همته إذا ذكر الله جل اسمه
عليها تفرق من هيبته
الجواب : نعم ، قال النووي في شرح في حديث : مسلم اختلف العلماء في معنى هذا الحديث ، فقال " هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ، وعلى ربهم يتوكلون " : احتج بعض الناس بهذا الحديث على أن الإمام أبو عبد الله المازري مكروه ، ومعظم العلماء على خلاف ذلك ، واحتجوا بما وقع في أحاديث كثيرة من ذكره صلى الله عليه وسلم لمنافع الأدوية [ ص: 8 ] والأطعمة كالحبة السوداء ، والقسط والصبر وغير ذلك ، وبأنه صلى الله عليه وسلم تداوى ، وبأخبار التداوي عائشة بكثرة تداويه ، ثم نقل عن القاضي عياض أنه صلى الله عليه وسلم تطبب في نفسه ، وطبب غيره انتهى .
قلت : يشير بذلك إلى ما أخرجه ، ابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب النبوي من طريق عن أبيه قال : قلت هشام بن عروة رضي الله عنها : يا لعائشة أم المؤمنين أعجب من بصرك بالطب ، قالت : يا ابن أختي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طعن في السن سقم فوفدت الوفود ، فنعتت فمن ثم ، وأخرج أبو نعيم من طريق محمد بن عبد الرحمن المليكي ، قال: ، قال : قلت عروة بن الزبير : يا خالة إني لأفكر في أمرك وأتعجب أن وجدتك عالمة بالطب فمن أين ؟ فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرت أسقامه فكنا نعالج له لعائشة . حدثني
وأخرج أبو نعيم من طريق ابن أبي مليكة عائشة ، أنه قيل لها ، من أين تعلمت الطب ؟ قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مسقاما ، وكان يقدم عليه وفود العرب والعجم فتنعت له فتعلمت ذلك . عن
وأخرج ، البخاري ومسلم أنه سئل بأي شيء دووي جرح النبي صلى الله عليه وسلم يوم سهل بن سعد أحد ؟ فقال : كانت فاطمة تغسل الدم ، وعلي يسكب الماء عليها : فلما رأت فاطمة الدم لا يزيد إلا كثرة : أخذت قطعة حصير فأحرقتها حتى إذا صارت رمادا ألصقته بالجرح فاستمسك الدم . عن
وأخرج أبو داود ، والحاكم وصححه عن ابن عباس . أن النبي صلى الله عليه وسلم استعط
وأخرج عن ابن السني قال : " ابن عباس . احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعط "
وأخرج ابن السني عن ، " أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم فقال : أي شيء هذا يا رسول الله ؟ فقال : الحجم ، قلت : وما الحجم يا رسول الله ؟ قال : خير ما تداوى به العرب " أبي هريرة .
وأخرج الحاكم وصححه عن سمرة قال : . " دخل أعرابي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم فقال : ما هذا يا رسول الله ؟ قال : هذا الحجم وهو خير ما تداويتم به "
وأخرج عن ابن السني عبد الله بن جعفر قال : . احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قرنه بعد ما
وأخرج أبو داود ، عن وابن ماجه جابر . أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم على وركه من وني كان به يعني من وهن دون الخلع والكسر
وأخرج في صحيحه عن ابن حبان أنس . أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وجع كان به
وأخرج أبو نعيم عن ابن عباس النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في رأسه من أذى كان به . أن
وأخرج [ ص: 9 ] أبو نعيم عن أنس . أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم من وجع كان برأسه وهو محرم
وأخرج أبو نعيم عن قال : أبي هريرة . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي صدع فيغلف رأسه بالحناء
وأخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بن عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم تحت كتفه اليسرى من الشاة التي أكل يوم خيبر .
وأخرج أبو نعيم عن علي قال: . " لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي فقال : لعنك الله لا تدعين نبيا ولا غيره ، ثم دعا بماء وملح فجعل يمرسها عليها "