فصل : ثم ظهر لي دليل ( حاد وعشرون ) وهو ما أخرجه أحمد وغيره عن عبد الله بن ثابت قال : عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك ؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ، فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه لضللتم إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين . هذا الحديث يدل على أن شريعة التوراة لا تسمى إسلاما ; لأن جاء عمر لما رأى غضب النبي صلى الله عليه وسلم من كتابته جوامع من التوراة بادر إلى قوله : " رضينا بالإسلام دينا " ليبرئ نفسه من الرضا بشريعة التوراة واتباعها ، فلما قال ذلك سري عن النبي صلى الله عليه وسلم ; لحصول المقصود من عمر وهو اقتصاره على شريعة الإسلام وإعراضه عن شريعة التوراة .
دليل ثان وعشرون : وهو قوله صلى الله عليه وسلم لجبريل وقد سأله فقال : ما الإسلام ؟ محمدا رسول الله وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان وتحج البيت ، زاد في رواية : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن ، وهذا صريح في أن الإسلام مجموع هذه الأعمال ، وهذا المجموع مخصوص بهذه الأمة ، فإن اللام في الصلاة المكتوبة للعهد وهي الخمس ، ولم تكتب الخمس إلا على هذه الأمة ، وصوم رمضان من خصائص هذه الأمة كما أخرجه وتغتسل من الجنابة عن ابن جرير عطاء ، والحج ، والغسل من الجنابة من خصائصها أيضا كما تقدم في أثر وهب ، فدل على أن من لم يعمل هذه الأعمال لا يسمى مسلما ، والأمم السابقة لم تعملها فلا يسمون مسلمين .