قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه قلت اطبخوا لي جبة وقميصا
إذ لا مشابهة بين الطبخ والخياطة في الصورة كما لا يخفى . وأما الجواب عن السؤال السادس فهو كما ذكره أعزه الله تعالى ، وهذا الجواب قد أخذه العلامة المحلي من كلام المحقق التفتازاني ، ومحصله أن الإيمان لم يكلف به ، وإنما كلف بأسبابه وفيه من الإشكال ما لا يخفى ، قال ذلك وكتبه العبد الفقير إلى الله تعالى المغطى بالزلل والتقصير راجي عفو ربه القريب القدير محمد بن إبراهيم المسمى بالخطيب ، في ليلة يسفر صباحها عن اليوم الرابع والعشرين من شهر رجب الفرد سنة ثمان وسبعين وثمانمائة ، فكتب شيخنا الإمام العالم العامل العلامة البحر الحبر الفهامة خاتمة الحفاظ والمجتهدين جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام والمسلمين كمال الدين بن أبي بكر السيوطي الشافعي أعز الله تعالى به الدين ، وأمتع ببقائه الإسلام والمسلمين الأجوبة عن هذه الاعتراضات بما نصه : الحمد لله أقول والله الهادي للصواب وإليه المرجع والمآب ، وردت علي هذه الاعتراضات فتأملتها بعين الإنصاف فوجدتها غير واردة ، وها أنا أسوق كلماتها مع الجواب عنها واحدة واحدة قوله : ليس الأمر كما زعم فإن اللازم من كون مسماه كليا على ما ذكره الأكثرون أمران ، كونه نكرة ، وعدم دلالته على شخص ، وهما غير ما ألزمه السائل عليه ، وذلك أمران : جواز إطلاقه على المعنى العام مع أنه لا يطلق عليه ، وكون استعماله في الخصوصيات مجازا ، أقول ليس الأمر كذلك بل أحد إلزامي الأكثرين هو أحد إلزامي السائل بعينه الذي أشرت [ ص: 400 ] إليه في الجواب وهو عدم دلالته على شخص معين ، وبيان ذلك أن الأكثرين قالوا : يلزم من كونه وضع للمعنى العام أنه لا يدل إلا عليه ، فبطل الملزوم وهو كونه كليا ، وهذا مؤدى قول السائل أنه يلزم على كونه كليا جواز إطلاقه على المعنى العام ، مع أنه لا يطلق عليه أي وإنما يطلق على الخاص ، فمؤدى العبارتين واحد بلا شك - غاية ما في الباب - أن بينهما قلبا لفظيا ، فإن العبارة الثانية هي مقلوب العبارة الأولى ، وفي كل من العبارتين مقدرات اقتضاها الإيجاز لا بد من إظهارها ليتم المطلوب من الاستنتاج ، فعند إظهارها وتفكيك الكلام ينحل مؤداهما إلى واحد ، وإذا تقرر أن هذا الإلزام الذي ذكره السائل هو عين الإلزام الذي ذكره الأكثرون ، فقد حصل الجواب عنه بما أجاب به القرافي ، ومحصله أنا لو خلينا ، ومقتضى الوضع لأطلق على العام ، وإنما منع منه ما عرض عند الاستعمال من حصر الواقع المسمى في شخص خاص ، وحاصل هذا الجواب منع التلازم بين الوضع والإطلاق ، فقد يوضع الشيء العام ، ولا يستعمل إلا خاصا بدليل الشمس ، فإنها وضعت كليا ولا تستعمل إلا جزئيا ، وأوضح منه ما ذكره القرافي من تشبيه ذلك بالأعلام الغالبة ، فإنها وضعت كلية ثم غلب استعمالها في خاص ، فصارت أعلاما بالغلبة وسنزيد هذا وضوحا قريبا ، وقوله : إن القرافي لم يجب عن الإلزام في كلام الأكثرين وهو قولهم : لو كان مسماه كليا لكان نكرة ، وإنما أجاب عن الثاني أقول : ممنوع فقد صرح القرافي نفسه أن الجواب الذي ذكره جواب عن الإلزامين ، وأنا لم أسق كلامه بلفظه بل أوردته ملخصا كما نبهت في آخره ، ونكتة عدم تعرضي لما يوضع كونه جوابا عن الإلزام الآخر من كونه نكرة أنه لا ذكر له في كلام السائل البتة فاستغنيت عن إيراده ، وعبارة القرافي وأما قولهم في الوجهين - يعني اللذين احتجوا بهما - فالجواب عنه واحد وهو أن دلالة اللفظ وساق ما قدمته عنه - إلى أن قال : فلما كان حصر مسمى اللفظ في شخص معين من الواقع قال النحاة : هي معارف فإن فهم الجزئي لا يكاد ينفك عنها - هذا لفظه - فأشار أولا إلى أن الجواب عن الإلزامين معا ، وأتى آخرا بهذه الجملة لتقرير الجواب عن لزوم كونه نكرة ، ومتحصل كلامه أنه أجاب عن الإلزامين معا بجواب واحد ، إما كونه يدل على خاص ، ولا يدل على العام ، فلما عرض في الاستعمال لا لأمر في أصل الوضع ، وإما كونه معرفة لا نكرة فلأن فهم الجزئي لا يكاد ينفك عنه ، ومعلوم عندك أن التعريف والتنكير لا تلازم بينهما وبين الوضع حتى يقال أن وضعه كليا يستلزم كونه نكرة ، ووضعه جزئيا يستلزم كونه معرفة ؛ لأن التعريف يحدث بعد الوضع لما يعرض في الاستعمال ، ألا ترى أن رجلا وضع نكرة وإذا نودي مع القصد صار معرفة ، وليس [ ص: 401 ] لك أن تقول : إن التعريف حصل من الوضع أيضا لأن ( يا ) وضعت لتعريف المنادى لأنا نقول ذلك مردود بوجهين : أحدهما أن ( يا ) قد توجد ولا تعريف في نداء غير المقصود ، والثاني قول النحاة أن تعريف المنادى المقصود إنما هو بالقصد والمواجهة كاسم الإشارة ، وجعلوه في مرتبته ، فهذا أول دليل على أن التعريف في الإشارة إنما حصل بالمواجهة ونحوها دون أصل الوضع ، فهو أمر طارئ عليه وحادث بعده ، فلا تنافي بين وضع الإشارة والمضمر كليا ، وكونه معرفة مستعملا في الجزئي ، ومما يدل على أن التعريف والتنكير لا تعلق لهما بالوضع ، وإنما هما من الاستعمال قول خلائق من النحاة إن المضمر قد يكون نكرة وذلك في الضمير المجرور برب ، وقول آخرين إن الضمير العائد على النكرة نكرة مطلقا ، وقول آخرين إن العائد على واجب التنكير كالتمييز نكرة ، فإن تخيلت أن التنكير والتعريف في المضمر من أصل الوضع لزمك الاشتراك اللفظي وتعدد الوضع ولا قائل به ، وإن سلمت أنه حادث في الاستعمال فهو المدعي ، وبه يحصل الانفصال عن الإلزام ، وإن قلت إنه وضع معرفة واستعماله نكرة عارض من الاستعمال فبعيد ، مع أنه يثبت مدعانا أيضا بطريق قياس العكس إذ لا فارق ، فثبت بهذا كله أن الضمير واسم الإشارة وضعا للمعنى العام ، وعدم إطلاقهما عليه إنما هو لما عرض في الاستعمال لا لأمر في أصل الوضع ، وهذا تحقيق القول بأنه كلي وضعا جزئي استعمالا ، وهو من أحسن ما قيل ، واندفع أحد الإلزامين اللذين أوردهما السائل ، ثم بتقرير كونه وضع للمعنى العام الذي هو القدر المشترك ، والمفهوم الكلي يكون استعماله في آحاد ما يصدق عليه حقيقة لا مجازا ، كما هو شأن الوضع للقدر المشترك ، فاندفع الإلزام الثاني كما لا يخفى ، وقوله : إنما في جوابنا من كونه ليس من باب المشترك إلى آخره صريح في أنه اختيار قسم ثالث غير القسمين اللذين في كلام السائل إلى أن قال : وأنت تعلم أن هذا هو القسم الأول في كلام السائل ، أقول : كأن المعترض حفظه الله يشير إلى أنه وقع في كلامنا تناقض ثم جزم بذلك وادعى أنه خفي علينا ، وليس كذلك ، وهذه غفلة عظيمة من المعترض أعزه الله أحاسبه بها ، وبيان ذلك أن القسمين اللذين في كلام السائل اللذين ما اخترنا في التوجيه غيرهما ليسا بالقسمين اللذين ما اخترنا في التعيين أحدهما ، فالقسمان الأولان هما الإلزامان الواردان والآخران هما الملزوم عنهما المورد عليهما فلا تناقض لاختلاف مورد القسمة .[ ص: 402 ] والحاصل أن السائل أورد قسمين وطلب تعيين أحدهما - وهما - هل هو للعام أو الخاص ؟ فعينا الأول ، ثم أورد على القسمين ثلاثة إلزامات ؛ على الأول اثنان وعلى الثاني واحد ، فأجبنا عن أول إلزامية بمنع التلازم بين الوضع والإطلاق ، وعن الثاني بتقرير كونه وضع للقدر المشترك ، فاندفع المجاز كما اندفع الاشتراك اللفظي وهو الثالث ضرورة ، فتقريرنا كونه للقدر المشترك هو عين القسم الأول من القسمين المطلوب تعيين أحدهما وهو كونه للعام وغير المجاز والاشتراك الموردين على القسم الأول والثاني فأي تناقض في هذا ؟ وقوله : فاللازم على القسم الأول باق بحاله قول ممنوع بل ذهب في الغابرين وانقطع في الداحضين ، أما الإطلاق فيمنع التلازم ، وأما المجاز فبكونه للقدر المشترك وسندهما ما تقدم واضحا ، وبهذا يتم الجواب ويتضح الصواب وينكشف الحجاب وتطلع الشمس المنيرة ليس دونها سحاب .
قوله : وأما الجواب عن السؤال الثاني فقوله : أنه مجاز هو اختيار القسم الثاني ، وقد عرف ما يرد عليه من كلام بعض المحققين إلى آخره . أقول : قصارى ما ذكره السائل عن بعض المحققين أنه ذهب إلى قول مفصل في مقابلة قطع الجمهور بأنه مجاز ، ومعلوم عندك أن المسألة ذات الأقوال لا يكون قول منها واردا على القول الآخر ، وإنما يصلح للإيراد تقرير شبهة أو إلزام أمر فاسد ، والسائل قال : ورد ما ذكره بعض المحققين من أنه قد يكون حقيقة فلم يورد إلا القول لا الإلزام ولا الشبهة ، وهذا ما لا يصلح إيراده ، وأنا لم أر في المسألة بعد قطع الناس بأنه مجاز إلا بحث السبكي ، فلنذكر شبهة هذا المحقق الآخر لينظر في جوابها ودفعها أو في التوفيق بينها وبين الجمهور .
وقوله : إن ما قاله السبكي من أن دلالة العام دلالة مطابقة خلاف ما أطبق عليه المحققون يقال عليه وهو أولا من المحققين إن كانوا من المتأخرين كالعضد ونحوه ، فكلامهم لا يصلح أن يعارض به المنقول عن الجم الغفير ، وإنما يذكر على سبيل البحث والتخلية ، والتعبير بلفظ "أطبق" تهويل وليس صحيحا في نفسه ، كيف والمجزوم به في كتب الأصول ذلك أعني أن دلالته بالمطابقة ولم أقف على من نازع في ذلك إلا القرافي وقد رد عليه الأصفهاني في شرح المحصول فشفى وكفى ، وقوله : وأما الجواب من السؤال الثالث ففيه أنه جعل علامة المتواطئ أن لا يختلف بأمور من جنس المسمى ، ومقتضاه أن علامة التشكيك الاختلاف بأمور من جنس المسمى ليست خارجة وهذا مما لم نره في كلام أحد ، أقول : نحن قد رأيناه في كلام القرافي جزم بذلك بهذا اللفظ في الجانبين ونقله عنه غير واحد وإلا فانظروه تجدوه ، والعذر لكم في هذا وأمثاله أنكم تقتصرون في كتب الأصول [ ص: 403 ] والبيان على نحو العضد ، والحاشية ، والمطول ، وحاشيته فتجدون فيها أبحاثا فتظنون أنها منقولات أهل الفن أو المجزوم بها فتعتمدونها وتدعون أن المحققين عليها وتشربها قلوبكم وتضربون عن غيرها صفحا ، ولو تجاوزتم إلى كتب المتقدمين والمتأخرين وألممتم بما حوته من الأقوال المختلفة والمباحث المتفرقة ، والتفريعات لعلمتم حقيقة الأمر في ذلك ، وأنا لا أعتقد في الأصول على أناس قصارى أمرهم الرجوع إلى القواعد المنطقية وتنزيل القواعد الأصلية عليها أبدا ، إنما أعتمد على أئمة جامعين للأصول والفقه متضلعين منها محيطين بقواعدهما عارفين بتركيب الفروع على الأصول ، قد خالطت علوم الشرع والسنن لحومهم ودماءهم ، فأين أنت من رسالة الإمام رضي الله تعالى عنه مبتكر هذا الفن وما عليها من الشروح المطنبة وما تلا ذلك إلى كتب إمام الحرمين . الشافعي ، والكيا الهراسي ، والإمام وحجة الإسلام الغزالي فخر الدين الرازي ، وهلم جرا ، وبعد : فالإنسان بالنسبة إلى الأب والابن متواطئ قطعا ؛ لأن معناه مستوفي النسبة إليهما بلا شبهة ، كيف ومعنى الإنسان الحيوان الناطق وهذا المعنى لا يتفاوت بالنسبة إلى الأب والابن كما لا يتفاوت بالنسبة إلى الذكر والأنثى والعالم والجاهل والطويل والقصير ، وتفاوته بالتقدم والتأخر كتفاوته بالنسبة إلى المذكورات ، وليس بالنسبة لماهية الإنسان التي هي الحيوانية والناطقية ، بخلاف تفاوت النور في الشمس والسراج ، فإنه بالنظر إلى جنس المسمى وماهيته هذا أمر لا شبهة فيه . والسيف الآمدي
قوله : وأما الجواب عن السؤال الرابع إلى آخره أقول : ما ادعاه من كون لفظ القبيح مستعملا فيما وضع له ، وإن صرح به جماعة ، جوابه المنع ومن صرح بذلك لم يقله على قول الجمهور أنه مجاز لغوي ، إنما قاله بناء على قول من قال إنه مجاز عقلي ، فجعل القرية مستعملة في حقيقتها كما سئل والمجاز في إسناد السؤال إليها فهو على هذا مجاز تركيب لا مجاز إفراد وليس الكلام فيه ، وأما على القول بأنه مجاز إفراد فالقرية قطعا مستعملة في غير ما وضعت له وهو الأهل فإنها قائمة مقامه في المعنى كما قامت مقامه في الإعراب ، وبهذا يظهر انطباق حد المجاز على مثل هذا .
وقوله : لم يظهر تضافر الأقوال التي حكاها على عدم الانطباق جوابه أني لم أدع التضافر ، وإنما قلت كالمتضافرة وشتان ما بين العبارتين عند البلغاء ، ووجه ذلك أن اختلافهم في كونه مجازا بين ناف مطلقا وتفصيلا دليل على أن آراءهم اقتضت عدم دخوله في حد المجاز حتى اضطربوا فيه فقال بعضهم : إنه ليس منه مطلقا ، ورأى بعضهم أن منه نوعا قريب الدخول فيه فأدخله فيه ، وأنواعا بعيدة فلم [ ص: 404 ] يدخلها فيه ، فكل لبيب يفهم بالقوة من هذا الاختلاف والاضطراب أنه إنما نشأ عن اقتضاء آرائهم بعده عن الدخول في حد المجاز ، وأنا لم أقل إنها مصرحة بذلك بل عبرت بعبارة تشعر بخلاف ذلك ، فقوله : إن الانطباق وعدمه أمر مسكوت عنه غير وارد حينئذ لأني لم أدع التصريح به بل أتيت بما يدل على أنه يؤخذ منه بالقوة ، وقوله : على أنها ظاهرة في الانطباق إن أراد أنها ظاهرة في انطباق حد المجاز على كل حذف فممنوع إلا القول الثاني ، كيف والمفصلون يأبون تسمية من أنواعه مجازا ، والنافي مطلقا واضح ، وإن أراد أنها ظاهرة في الانطباق على ما يسمونه مجازا فصحيح ، وهو ما ادعيناه في الجواب حيث قلنا إن الانطباق على ما ذكره القرافي ، وصاحب الإيضاح واضح ، وبه يندفع قول المعترض أولا أنه غير واضح ، والعجب كيف ادعى عدم وضوحه أولا وظهوره آخرا .
قوله : وأما الجواب عن السؤال الخامس إلى آخره . أقول : ما ادعاه من أن كون العلاقة في الآية المشابهة يخرجها عن باب المشاكلة إلى باب الاستعارة ممنوع فإنه لا تلازم بين المشابهة والاستعارة ، وإن كان كل استعارة علاقتها المشابهة فليس كل ما علاقته المشابهة استعارة ، بدليل أن المحققين على أن التشبيه المقدر فيه الأداة نحو " صم بكم عمي " يسمى تشبيها بليغا لا استعارة وهو ظاهر بلا شك ، وإذا كان هذا فيما قدرت فيه الأداة فما ظنك بما صرح فيه بلفظ مثلها ، فالآية لذلك خارجة عن باب الاستعارة داخلة في باب المشاكلة . والعلاقة المشابهة لما تقرر من منع الملازمة ، وقوله : فإن المشاكلة على ما ذكره التفتازاني هي التعبير عن الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته هذا من نمط ما قدمته من أنكم تقتصرون في هذه الأمور على كتب مثل التفتازاني وتضربون عن غيرها صفحا ، وإلا فما وجه نقل مثل هذا الكلام عنه وهو في متن التلخيص الذي التفتازاني شارح كلامه ، بل وفي كلام السكاكي من قبله
[ بل ] وأطبق عليه أهل البديع قاطبة ، ومثل هذا حقه أن يقال فيه ، قال أهل البديع : وإلا فالنقل عن التفتازاني يشعر بأنه قال من عنده ولم يسبق إليه ويشعر أيضا بغرابته ، فإن النقل لكلام عن متأخر مع وجوده في كلام المتقدمين عيب ، فما ظنك إذا كان في كلام أهل الفن قاطبة ، وإنما ينقل عن المتأخر ما قاله من عنده بحثا مخالفا لما قبله أو تحقيقا لكلام من تقدمه أو نحو ذلك .
وقوله : إن ما ذكره العلامة من أن العلاقة في نوع المشاكلة هو الشبه الصوري لا يتمشى في قوله - اطبخوا لي جبة - صحيح وهو اعتراض حسن وليس في هذه الاعتراضات أقعد منه . وجوابه أنه لم أدع أن الشبه علاقة نوع المشاكلة من حيث هو حتى يلزمني تمشيتها في جميع أفرادها ، إنما ادعيت أنه علاقة الآية لظهورها فيها . وأما علاقة أصل [ ص: 405 ] المشاكلة فقد ذكرتها قديما في كتابي شرح ألفية المعاني استخراجا بفكري ، ثم ظهر لي أخذها من قول صاحب التلخيص حيث قال : المشابهة هي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته ، فقوله : ذكر الشيء بلفظ غيره صريح في أنها من باب المجاز . وقوله وقوعه في صحبته إشارة إلى العلاقة وهي الصحبة والمجاورة في اللفظ كما سميت القرية راوية لمجاورتها للجمل المسمى بها حقيقة ، فهذه هي علاقة أصل المشاكلة .
وقوله : وأما الجواب عن السؤال السادس - فهو كما ذكره - أقول : إن كان هذا تسليما لصحة الجواب فهو المقصود ، وإن كان تسليما لعزوه وهو الظاهر بقرينة ما عقبه من الإشكال فجوابه أن لا إشكال عند التأمل ، واللمحة المشيرة إليه أن دقائق أهل المعقول لا يعبأ بها أهل الفقه وحملة الشرع الذي مرجع التكليف إليهم ، والله أعلم ، وكتبته يوم الاثنين التاسع والعشرين من رجب سنة ثمان وسبعين وثمانمائة وسميته الجواب المصيب عن أسئلة اعتراضات الخطيب .