الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : قد عرفت أن الألفاظ الدالة على تلك المعاني تستتبع ذكر الألفاظ الدالة على ارتباط بعضها بالبعض ، فلهذا السبب الظاهر وضع الأسماء والأفعال سابق على وضع الحروف فأما الأفعال والأسماء فأيهما أسبق ؟ الأظهر أن وضع الأسماء سابق على وضع الأفعال ، ويدل عليه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن الاسم لفظ دال على الماهية ، والفعل لفظ دال على حصول الماهية بشيء من الأشياء في زمان معين ، فكان الاسم مفردا والفعل مركبا ، والمفرد سابق على المركب بالذات والرتبة ، فوجب أن يكون سابقا عليه في الذكر واللفظ .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن الفعل يمتنع التلفظ به إلا عند الإسناد إلى الفاعل ، أما اللفظ الدال على ذلك الفاعل فقد يجوز التلفظ به من غير أن يسند إليه الفعل ، فعلى هذا الفاعل غني عن الفعل ، والفعل محتاج إلى الفاعل ، والغني سابق بالرتبة على المحتاج ، فوجب أن يكون سابقا عليه في الذكر .

                                                                                                                                                                                                                                            الثالث : أن تركيب الاسم مع الاسم مفيد ، وهو الجملة المركبة من المبتدأ والخبر ، أما تركيب الفعل مع الفعل فلا يفيد البتة بل ما لم يحصل في الجملة الاسم لم يفد البتة ، فعلمنا أن الاسم متقدم بالرتبة على الفعل ، فكان الأظهر تقدمه عليه بحسب الوضع .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية