المسألة التاسعة : اتفقوا على أن مخففة في ثلاث سنين : الثلث في السنة ، والثلثان في السنتين ، والكل في ثلاث سنين . استفاض ذلك عن دية الخطأ عمر ولم يخالفه فيه أحد من السلف فكان إجماعا .
المسألة العاشرة : لا فرق في هذه الدية بين أن يقضى منها الدين وتنفذ منها الوصية ، ويقسم الباقي بين الورثة على فرائض الله تعالى . روي عمر : لا أعلم لك شيئا ، إنما الدية للعصبة الذين يعقلون عنه ، فشهد بعض من الصحابة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يورث الزوجة من دية زوجها ، فقضى عمر بذلك ، وإذ قد ذكرنا هذه المسائل فلنرجع إلى تفسير الآية فنقول : أن امرأة جاءت تطلب نصيبها من دية الزوج فقال فتحرير رقبة مؤمنة ) معناه فعليه تحرير رقبة ، والتحرير عبارة عن جعله حرا ، والحر هو الخالص ، ولما كان الإنسان في [ ص: 186 ] أصل الخلقة خلق ليكون مالكا للأشياء كما قال تعالى : ( قوله : ( خلق لكم ما في الأرض جميعا ) [ البقرة : 29 ] فكونه مملوكا يكون صفة تكدر مقتضى الإنسانية وتشوشها ، فلا جرم سميت إزالة الملك تحريرا ، أي تخليصا لذلك الإنسان عما يكدر إنسانيته ، والرقبة عبارة عن النسمة كما قد يجعل الرأس أيضا عبارة عن نسمة في قولهم : فلان يملك كذا رأسا من الرقيق ، كل رقبة كانت على حكم الإسلام عند الفقهاء ، وعند والمراد برقبة مؤمنة لا تجزي إلا رقبة قد صلت وصامت ، وقد ذكرنا هذه المسألة . وقوله : ( ابن عباس ودية مسلمة إلى أهله ) قال الواحدي : الدية من الودي كالشية من الوشي ، والأصل ودية فحذفت الواو يقال : ودى فلان فلانا ، أي أدى ديته إلى وليه ، ثم إن الشرع خصص هذا اللفظ بما يؤدى في بدل النفس دون ما يؤدى في بدل المتلفات ، ودون ما يؤدى في بدل الأطراف والأعضاء .