( 3187 ) فصل : قد ذكرنا أن الظاهر من المذهب ، لا يجوز ، ونقع البئر في أماكنه قبل إحرازه في إنائه ، ولا الكلأ في مواضعه قبل حيازته . فعلى هذا ; متى بيع كل ماء عد كمياه العيون فلا حق للبائع فيه . وقد ذكرنا رواية أخرى ; أن ذلك مملوك وأنه يجوز بيعه . باع الأرض وفيها كلأ أو ماء ،
فعلى هذه الرواية ، إن باع الأرض ، فذكر الماء والكلأ في البيع ، دخل فيه ، وإن لم يذكره ، كان الماء الموجود والكلأ للبائع ; لأنه بمنزلة الزرع في الأرض . والماء أصل بنفسه ، فهو كالطعام في الدار ، فما يتجدد بعد البيع ، فهو للمشتري . وعلى هذه الرواية ، إذا باع من هذا الماء آصعا معلومة ، جاز ; لأنه كالصبرة ، وإن ، لم يجز ; لأنه يختلط بغيره . ولو باع كل ماء البئر ، لم يجز ; لأن ذلك الماء يذهب ، ويأتي غيره . ( 3188 ) فصل : وعلى كلتا الروايتين ; متى كان الماء النابع في ملكه ، أو الكلأ أو المعادن ، وفق كفايته ، لشربه ، وشرب ماشيته ، لم يجب عليه بذله . نص عليه ; لأنه في ملكه ، فإذا تساوى هو وغيره في الحاجة ، كان أحق به ، كالطعام ، وإنما توعد النبي صلى الله عليه وسلم على منع فضل الماء ، ولا فضل في هذا . ولأن عليه في بذله ضررا ، ولا يلزمه نفع غيره بمضرة نفسه . باع من النهر الجاري آصعا
وإن كان فيه ، لزمه بذله بغير عوض ، ولكل واحد أن يتقدم إلى الماء ويشرب ، ويسقي ماشيته ، وليس لصاحبه المنع من ذلك ; لما روى فضل عن شربه ، وشرب ماشيته وزرعه ، واحتاجت إليه ماشية غيره إياس بن عبد الله المزني ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { } . وفي صحيح من منع فضل الماء ، ليمنع به فضل الكلأ ، منعه الله فضل رحمته عن مسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } نهى أن تسأل المرأة طلاق أختها ونهى أن يمنع الماء مخافة أن يرعى الكلأ .
يعني إذا كان في مكان كلأ ، وليس يمكنه الإقامة لرعيه إلا بالسقي من هذا الماء فيمنعهم السقي ، ليتوفر الكلأ عليه . وروى أبو عبيدة بإسناده ، عن ، أنه قال : ابن السبيل أحق بالماء من الباني عليه . وعن عمر ، قال : ابن السبيل أول شارب . وعن أبي هريرة بهيسة ، قالت { } . : قال أبي : يا رسول الله ، ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ قال : الماء . قال : يا رسول الله ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ قال : الملح
وليس عليه بذل آلة البئر من الحبل ، والدلو ، والبكرة ; لأنه يخلق ولا يستخلف غيره ، بخلاف الماء . وهذا كله هو الظاهر من مذهب ولا فرق فيما ذكرنا بين البنيان والصحاري . وعن الشافعي ، أنه قال : إنما هذا في الصحاري والبرية ، دون البنيان . يعني أن البنيان إذا كان فيه الماء فليس لأحد الدخول إليه إلا بإذن صاحبه . أحمد