[ ص: 218 ] فصل : واستدامة القبض شرط للزوم الرهن . فإذا أخرجه المرتهن عن يده باختياره ، زال لزوم الرهن ، وبقي العقد ، كأنه لم يوجد فيه قبض ، سواء أخرجه بإجارة أو إعارة أو إيداع أو غير ذلك . فإذا عاد فرده إليه ، عاد اللزوم بحكم العقد السابق . قال ، في رواية أحمد ابن منصور : إذا ، خرجت من الرهن ، فإذا رجعت إليه ، صارت رهنا . ارتهن دارا ، ثم أكراها صاحبها
وقال في من رهن جارية ، ثم سأل المرتهن أن يبعثها إليه لتخبز لهم ، فبعث بها ، فوطئها : انتقلت من الرهن ، فإن لم يكن وطئها ، فلا شيء . قال أبو بكر : لا يكون رهنا في تلك الحال ، فإذا ردها رجعت إلى الرهن . وممن أوجب استدامة القبض مالك . وهذا على القول الصحيح ، فأما على قول من قال : ابتداء القبض ليس بشرط . فأولى أن يقول : الاستدامة غير مشترطة ; لأن كل شرط يعتبر في الاستدامة ، يعتبر في الابتداء ، وقد يعتبر في الابتداء ما لا يعتبر في الاستدامة . وأبو حنيفة
قال : إذا قلنا : القبض شرط في الابتداء . كان شرطا في الاستدامة . وقال أبو الخطاب استدامة القبض ليست شرطا ; لأنه عقد يعتبر القبض في ابتدائه ، فلم يشترط استدامته كالهبة . ولنا ، قول الله تعالى : { الشافعي فرهان مقبوضة } . لأنها إحدى حالتي الرهن ، فكان القبض فيها شرطا ، كالابتداء . ويفارق الهبة ; لأن القبض في ابتدائها يثبت الملك ، فإذا ثبت استغني عن القبض ثانيا ، والرهن يراد للوثيقة من بيعه ، واستيفاء دينه من ثمنه ، فإذا لم يكن في يده ، لم يتمكن من بيعه ، ولم تحصل وثيقة . وإن أزيلت يد المرتهن لغير حق ، كغصب ، أو سرقة ، أو إباق العبد ، أو ضياع المتاع ، ونحو ذلك ، لم يزل لزوم الرهن ; لأن يده ثابتة حكما ، فكأنها لم تزل .