الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3428 ) فصل : إذا أقر الغرماء بأن الزرع أو الطلع للبائع ، ولم يشهدوا به ، أو شهدوا به ولم يكونوا عدولا ، أو لم يحكم بشهادتهم . حلف المفلس ، وثبت الطلع له ينفرد به دونهم ; لأنهم يقرون أنهم لا حق لهم فيه

                                                                                                                                            فإن أراد دفعه إلى أحدهم وتخصيصه بثمنه ، فله ذلك ; لإقرار باقيهم بعدم حقهم فيه ، فإن امتنع ذلك الغريم من قبوله ، أجبر على قبوله ، أو الإبراء من قدره من دينه ، فيقال له : إما أن تقبضه ، وإما أن تبرئ من قدر ذلك من دينك ، وهذا مذهب الشافعي ; لأنه محكوم به على المفلس ، فكان له أن يقضي دينه منه ، كما لو أدى المكاتب إلى سيده نجوم كتابته ، فقال سيده : هذا حرام . وأنكر المكاتب . وإن أراد قسمته على الغرماء ، لزمهم قبوله ، أو الإبراء ; لذلك . فإن قبضوا الثمرة بعينها ، لزمهم رد ما حصل لهم إلى البائع ; لأنهم يقرون له بها ، فلزمهم دفعها إليه ، كما لو أقروا بعتق عبد في ملك غيرهم ، ثم اشتروه منه

                                                                                                                                            وإن باع الثمرة ، وفرق ثمنها فيهم ، أو دفعه إلى بعضهم ، لم يلزمهم رد ما أخذوا من ثمنها ; لأنهم إنما اعترفوا بالعين ، لا بثمنها . وإن شهد بعض الغرماء دون بعض ، أو أقر بعضهم دون بعض ، لزم الشاهد أو المقر الحكم الذي ذكرناه ، دون غيره . وإن عرض عليهم المفلس الثمرة بعينها ، فأبوا أخذها ، لم يلزمهم ذلك ; لأنه إنما يلزمهم الاستيفاء من جنس ديونهم ، إلا أن يكون فيهم من له جنس من الثمر أو الزرع ، كالمقرض أو المسلم ، فيلزمه أخذ ما عرض عليه ، إذا كان بصفة حقه

                                                                                                                                            ولو أقر الغرماء بأن المفلس أعتق عبدا له قبل فلسه ، فأنكر ذلك ، لم يقبل قولهم ، إلا أن يشهد منهم عدلان ، ويكون حكمهم في قبض العبد أو أخذ ثمنه إن عرضه عليهم ، حكم ما لو أقروا بالثمن للبائع ، وكذلك إن أقروا بعين مما في يديه أنها غصب أو عارية أو نحو ذلك ، فالحكم كما ذكرنا سواء

                                                                                                                                            وإن أقروا بأنه أعتق عبده بعد فلسه ، انبنى على صحة عتق المفلس ، فإن قلنا : لا يصح عتقه . فلا أثر لإقرارهم ، وإن قلنا بصحته ، فهو كإقرارهم بعتقه قبل فلسه ، وإن حكم الحاكم بصحته ، أو بفساده ، نفذ حكمه على كل حال ; لأنه فعل مجتهد فيه ، فيلزم ما حكم به الحاكم ، ولا يجوز نقضه ولا تغييره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية