( 3501 ) فصل : إذا ، لزم مالك الشجرة إزالة تلك الأغصان ، إما بردها إلى ناحية أخرى ، وإما بالقطع ; لأن الهواء ملك لصاحب القرار ، فوجب إزالة ما يشغله من ملك غيره كالقرار . فإن امتنع المالك من إزالته ، لم يجبر ; لأنه من غير فعله ، فلم يجبر على إزالته ، كما إذا لم يكن مالكا له . حصلت أغصان شجرته في هواء ملك غيره ، أو هواء جدار له فيه شركة ، أو على نفس الجدار
وإن تلف بها شيء ، لم يضمنه كذلك . ويحتمل أن يجبر على إزالته ، ويضمن ما تلف به ، إذا أمر بإزالته فلم يفعل ، بناء على ما إذا مال حائطه إلى ملك غيره ، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى . وعلى كلا الوجهين ، إذا امتنع من إزالته كان لصاحب الهواء إزالته بأحد الأمرين ; لأنه بمنزلة البهيمة التي تدخل داره ، له إخراجها ، كذا هاهنا . وهذا مذهب . الشافعي
فإن أمكنه إزالتها بلا إتلاف ولا قطع ، من غير مشقة تلزمه ولا غرامة ، لم يجز له إتلافها ، كما أنه إذا أمكنه إخراج البهيمة من غير إتلاف لم يجز له إتلافها . فإن أتلفها في هذه الحال غرمها ، وإن لم يمكنه إزالتها إلا بالإتلاف ، فله ذلك ، ولا شيء عليه ; فإنه لا يلزمه إقرار مال غيره في ملكه .
فإن صالحه على إقرارها بعوض معلوم ، فاختلف أصحابنا . فقال ابن حامد : يجوز ذلك رطبا كان الغصن أو يابسا ; لأن الجهالة في المصالح عنه لا تمنع الصحة ، لكونها لا تمنع التسليم ، بخلاف العوض ، فإنه يفتقر إلى العلم ; لوجوب تسليمه ، ولأن الحاجة داعية إلى الصلح عنه ، لكون ذلك يكثر في الأملاك المتجاورة ، وفي القطع إتلاف وضرر . والزيادة المتجددة يعفى عنها ، كالسمن الحادث في المستأجر للركوب ، والمستأجر للغرفة يتجدد له الأولاد ، والغراس الذي يستأجر له الأرض يعظم ويجفو . وابن عقيل
وقال : لا تصح المصالحة عنه بحال ، رطبا كان أو يابسا ; لأن الرطب يزيد ويتغير واليابس ينقص ، وربما ذهب كله . وقال أبو الخطاب : إن كان يابسا معتمدا على نفس الجدار ، صحت المصالحة عنه ; لأن الزيادة مأمونة فيه ، ولا يصح الصلح على غير ذلك ; لأن الرطب يزيد في كل وقت ، وما لا يعتمد على الجدار ، لا يصح الصلح عليه ; لأنه تبع الهواء . وهذا مذهب القاضي . الشافعي
واللائق بمذهب صحته ; لأن الجهالة في المصالح عنه لا تمنع الصحة إذا لم يكن إلى العلم به سبيل ، وذلك لدعاء الحاجة إليه ، وكونه لا يحتاج إلى تسليم ، وهذا كذلك . والهواء كالقرار في كونه مملوكا لصاحبه ، فجاز الصلح على ما فيه ، كالذي في القرار . أحمد