( 3496 ) فصل : فإن فظاهر كلام قال الأجنبي للمدعي : أنا وكيل المدعى عليه في مصالحتك عن هذه العين ، وهو مقر لك بها ، وإنما يجحدها في الظاهر . أن الصلح لا يصح ; لأنه يجحدها في الظاهر لينتقص المدعي بعض حقه ، أو يشتريه بأقل من ثمنه ، فهو هاضم للحق ، يتوصل إلى أخذ المصالح عنه بالظلم والعدوان ، فهو بمنزلة ما لو شافهه بذلك ، فقال : أنا أعلم صحة دعواك ، وأن هذا لك ، ولكن لا أسلمه إليك ، ولا أقر لك به عند الحاكم حتى تصالحني منه على بعضه ، أو عوض عنه . وقال الخرقي : يصح . وهذا مذهب . القاضي . الشافعي
قالوا : ثم ينظر إلى المدعى عليه ، فإن صدقه على ذلك ، ملك العين ، ورجع على الأجنبي وعليه بما أدى عنه ، إن كان أذن له في الدفع ، وإن أنكر الإذن في الدفع ، فالقول قوله مع يمينه ، ويكون حكمه حكم من قضى دينه بغير إذنه . وإن أنكر الوكالة ، فالقول قوله مع يمينه ، وليس للأجنبي الرجوع عليه ، ولا يحكم له بملكها .
فأما حكم ملكها في الباطن ، فإن كان وكل الأجنبي في الشراء ، فقد ملكها ; لأنه اشتراها بإذنه ، فلا يقدح إنكاره في ملكها ; لأن ملكه ثبت قبل إنكاره ، وإنما هو ظالم بالإنكار للأجنبي ، وإن كان لم يوكله ، لم يملكها ; لأنه اشترى له عينا بغير إذنه ، ويحتمل أن يقف على إجازته ، كما قلنا في من اشترى لغيره شيئا بغير إذنه بثمن في ذمته ، فإن أجازه ، لزم في حقه ، وإن لم يجزه لزم من اشتراه .
وإن قال الأجنبي للمدعي : قد عرف المدعى عليه صحة دعواك ، وهو يسألك أن تصالحه عنه ، وقد وكلني في المصالحة عنه . فصالحه صح ، وكان الحكم كما ذكرنا ; لأنه هاهنا لم يمتنع من أدائه ، بل اعترف به ، وصالحه عليه ، مع بذله له ، فأشبه ما لو لم يجحده .