( 4576 ) فصل : والقافة قوم يعرفون الإنسان بالشبه ، ولا يختص ذلك بقبيلة معينة ، بل من عرف منه المعرفة بذلك ، وتكررت منه الإصابة ، فهو قائف . وقيل : أكثر ما يكون في بني مدلج رهط مجزز المدلجي الذي رأى وأباه أسامة زيدا قد غطيا رءوسهما ، وبدت أقدامهما ، فقال : " إن هذه الأقدام بعضها من بعض " . وكان قائفا ، وكذلك قيل في إياس بن معاوية المزني . ولا يقبل شريح إلا أن يكون ذكرا ، عدلا ، مجربا في الإصابة ، حرا ; لأن قوله حكم ، والحكم تعتبر له هذه الشروط . قال قول القائف : وتعتبر معرفة القائف بالتجربة ، وهو أن يترك الصبي مع عشرة من الرجال غير من يدعيه ، ويرى إياهم ، فإن ألحقه بواحد منهم سقط قوله ; لأنا نتبين خطأه ، وإن لم يلحقه بواحد منهم ، أريناه إياه مع عشرين فيهم مدعيه ، فإن ألحقه به لحق ، ولو اعتبر بأن يرى صبيا معروف النسب مع قوم فيهم أبوه أو أخوه ، فإذا ألحقه بقريبه ، علمت إصابته ، وإن ألحقه بغيره سقط قوله ، جاز . وهذه التجربة عند عرضه على القائف للاحتياط في معرفة إصابته ، وإن لم تجربه في الحال ، بعد أن يكون مشهورا بالإصابة وصحة المعرفة في مرات كبيرة ، جاز . وقد روينا أن رجلا شريفا شك في ولد له من جاريته ، وأبى أن يستلحقه ، فمر به القاضي في المكتب ، وهو لا يعرفه ، فقال : ادع لي أباك . فقال له المعلم : ومن أبو هذا ؟ قال : فلان . قال : من أين علمت أنه أبوه ؟ قال : هو أشبه به من الغراب بالغراب . فقام المعلم مسرورا إلى أبيه ، فأعلمه بقول إياس بن معاوية إياس ، فخرج الرجل وسأل إياسا ، فقال : من أين علمت أن هذا ولدي ؟ فقال : سبحان الله ، وهل يخفى ولدك على أحد ، إنه لأشبه بك من الغراب بالغراب . فسر الرجل ، واستلحق ولده . ؟ فظاهر كلام وهل يقبل قول واحد ، أو لا يقبل إلا قول اثنين ، أنه لا يقبل إلا قول اثنين ، فإن أحمد روى عنه ، أنه قيل له : إذا قال أحد القافة : هو لهذا . وقال الآخر : هو لهذا ؟ قال : لا يقبل واحد حتى يجتمع اثنان ، فيكونان شاهدين . فإذا شهد اثنان من القافة أنه لهذا ، فهو لهذا ; لأنه قول يثبت به النسب ، فأشبه الشهادة . وقال الأثرم : يقبل قول الواحد ; لأنه [ ص: 48 ] حكم ، ويقبل في الحكم قول واحد . وحمل كلام القاضي على ما إذا تعارض قول القائفين ، فقال : إذا خالف القائف غيره ، تعارضا وسقطا . وإن قال اثنان قولا ، وخالفهما واحد ، فقولهما أولى ; لأنهما شاهدان ، فقولهما أقوى من قول واحد . وإن عارض قول اثنين قول اثنين ، سقط قول الجميع . وإن عارض قول الاثنين ثلاثة فأكثر ، لم يرجح ، وسقط الجميع ، كما لو كانت إحدى البينتين اثنين ، والأخرى ثلاثة أو أكثر . فأما إن أحمد ، كان لاحقا بالأول ; لأن القائف جرى مجرى حكم الحاكم ، ومتى حكم الحاكم حكما لم ينتقض بمخالفة غيره له . وكذلك إن ألحقته بواحد ، ثم عادت فألحقته بغيره ; لذلك . فإن أقام الآخر بينة أنه ولده . حكم له به ، وسقط قول القائف ; لأنه بدل ، فيسقط بوجود الأصل ، كالتيمم مع الماء . ألحقته القافة بواحد ، ثم جاءت قافة أخرى فألحقته بآخر