الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4709 ) فصل : ويعتبر خروج العطية من الثلث حال الموت ، فمهما خرج من الثلث تبينا أن [ ص: 112 ] العطية صحت فيه حال العطية ، فإن نما المعطى أو كسب شيئا ، قسم بين الورثة وبين صاحبه ، على قدر ما لهما فيه ، فربما أفضى إلى الدور . فمن ذلك إذا أعتق عبدا لا مال له سواه ، فكسب مثل قيمته في حياة سيده ، فللعبد من كسبه بقدر ما عتق منه ، وباقيه لسيده ، فيزداد به مال السيد ، وتزداد الحرية لذلك ، ويزداد حقه من كسبه ، فينقص به حق السيد ، من الكسب ، وينقص بذلك قدر المعتق منه ، فيستخرج ذلك بالجبر .

                                                                                                                                            فيقال : عتق من العبد شيء ، وله من كسبه شيء ; لأن كسبه مثله ، وللورثة من العبد وكسبه شيئان ، لأن لهم مثلي ما عتق منه ، وقد عتق منه شيء ، ولا يحسب على العبد ما حصل له من كسبه ; لأنه استحقه بجزئه الحر لا من جهة سيده ، فصار للعبد شيئان ، وللورثة شيئان من العبد وكسبه ، فيقسم العبد وكسبه نصفين ، يعتق منه نصفه ، وله نصف كسبه ، وللورثة نصفهما . وإن كسب مثلي قيمته ، فله من كسبه شيئان ، صار له ثلاثة أشياء ، ولهم شيئان ، فيقسم العبد وكسبه أخماسا ، يعتق منه ثلاثة أخماسه ، وله ثلاثة أخماس كسبه ، وللورثة خمساه وخمسا كسبه . وإن كسب ثلاثة أمثال قيمته ، فله ثلاثة أشياء من كسبه

                                                                                                                                            مع ما عتق منه ، ولهم شيئان ، فيعتق منه ثلثاه ، وله ثلثا كسبه ، ولهم الثلث منهما . وإن كسب نصف قيمته ، عتق منه شيء ، وله نصف شيء ، ولهم شيئان ، فالجميع ثلاثة أشياء ونصف ، إذا بسطتها أنصافا صارت سبعة ، له ثلاثة أسباعها ، فيعتق ثلاثة أسباعه ، وله ثلاثة أسباع كسبه ، والباقي لهم . إن كانت قيمته مائة ، فكسب تسعة ، فاجعل له من كل دينار شيئا ، فقل : عتق منه مائة شيء ، وله من كسبه تسعة ، أشياء ، ولهم مائتا شيء . ويعتق منه مائة جزء وتسعة أجزاء من ثلاثمائة وتسعة ، وله من كسبه مثل ذلك ، ولهم مائتا جزء من نفسه ومائتان من كسبه

                                                                                                                                            وإن كان على السيد دين يستغرق قيمته وقيمة كسبه ، صرفا في الدين ولم يعتق منه شيء ; لأن الدين مقدم على التبرع ، وإن لم يستغرق قيمته وقيمة كسبه ، صرف من العبد وكسبه .

                                                                                                                                            ما يقضي به الدين ، وما بقي منهما يقسم على ما يعمل في العبد الكامل وكسبه . فلو كان على السيد دين كقيمته ، صرف فيه نصف العبد ، ونصف كسبه ، وقسم الباقي بين الورثة والعتق نصفين . وكذلك بقية الكسب وإن كسب العبد مثل قيمته ، وللسيد مال مثل قيمته ، قسمت العبد ومثلي قيمته على الأشياء الأربعة ، فلكل شيء ثلاثة أرباع ، فيعتق من العبد ثلاثة أرباعه ، وله ثلاثة أرباع كسبه

                                                                                                                                            ولو أعتق عبدا قيمته عشرون ، ثم أعتق عبدا قيمته عشرة ، فكسب كل واحد منهما مثل قيمته ، لكملت الحرية في العبد الأول ، فيعتق منه شيء . وله من كسبه شيء ، وللورثة شيئان ، ويقسم العبدان وكسبهما على الأشياء الأربعة ، فيكون لكل شيء خمسة عشر ، فيعتق منه بقدر ذلك ، وهو ثلاثة أرباعه ، وله ثلاثة أرباع كسبه ، والباقي لهم . وإن بدأ بعتق الأدنى عتق كله ، وأخذ كسبه ، ويستحق الورثة من العبد الآخر وكسبه مثلي العبد الذي عتق ، وهو نصفه ونصف كسبه ، ويبقى نصفه ونصف كسبه بينهما نصفين ، فيعتق ربعه ، وله ربع كسبه ، ويرق ثلاثة أرباعه ، ويتبعه ثلاثة أرباع كسبه .

                                                                                                                                            وذلك مثلا ما انعتق منهما . وإن أعتق العبدين دفعة واحدة ، قرعنا بينهما ، فمن خرجت له قرعة الحرية ، فحكمه كما لو بدأ بإعتاقه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية