( 4692 ) فصل : وإن . أو كتب وصيته ، وقال : اشهدوا علي بما في هذه الورقة . فقد حكي عن قال : هذه وصيتي ، فاشهدوا علي بها ، أن الرجل إذا كتب وصيته ، وختم عليها ، وقال للشهود : اشهدوا علي بما في هذا الكتاب . لا يجوز حتى يسمعوا منه ما فيه ، أو يقرأ عليه فيقر بما فيه . وهو قول من سمينا في المسألة الأولى . ويحتمل كلام أحمد جوازه ; لأنه إذا قبل خطه المجرد ، فهذا أولى الخرقي
وممن قال ذلك عبد الملك بن يعلى ، ، ومكحول ونمير بن إبراهيم ، ، ومالك ، والليث والأوزاعي ، ، ومحمد بن مسلمة ، وأبو عبيد وإسحاق . واحتج بكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عماله وأمرائه ، في أمر ولايته وأحكامه وسننه ، ثم ما عملت به الخلفاء الراشدون المهديون بعده من كتبهم إلى ولاتهم ، بالأحكام التي فيها الدماء والفروج والأموال ، يبعثون بها مختومة ، لا يعلم حاملها ما فيها ، وأمضوها على وجوهها ، وذكر استخلاف أبو عبيد سليمان بن عبد الملك ، بكتاب ، كتبه ، وختم عليه ، ولا نعلم أحدا أنكر ذلك مع شهرته وانتشاره في علماء العصر ، فكان إجماعا عمر بن عبد العزيز
ووجه الأول أنه كتاب لا يعلم الشاهد ما فيه فلم يجز أن يشهد عليه ، ككتاب القاضي إلى القاضي ، فأما ما ثبت من الوصية ، بشهادة أو إقرار الورثة به ، فإنه يثبت حكمه ويعمل به ، ما لم يعلم رجوعه عنه ، وإن طالت مدته ، وتغيرت أحوال الموصى به ، مثل أن يوصي في مرض فيبرأ منه ، ثم يموت بعد أو يقتل ; لأن الأصل بقاؤه ، فلا يزول حكمه بمجرد الاحتمال والشك ، كسائر الأحكام . ( 4693 ) فصل : ويستحب أن يكتب الموصي وصيته ، ويشهد عليها ; لأنه أحفظ لها
وأحوط لما فيها . وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } . وروي عن ما حق امرئ مسلم ، له شيء يوصي فيه ، يبيت ليلتين ، إلا ووصيته مكتوبة عنده ، أنه قال : كانوا يكتبون في صدور وصاياهم : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما أوصى به فلان ، أنه يشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن أنس محمدا عبده ورسوله ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ، ويصلحوا ذات بينهم ، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين ، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب : { يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } . أخرجه سعيد ، عن ، عن فضيل بن عياض ، عن هشام بن حسان ، عن ابن سيرين . وروي عن [ ص: 100 ] أنس ، أنه كتب : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ذكر ما أوصى به ابن مسعود ، إن حدث بي حادث الموت من مرضي هذا ، أن مرجع وصيتي إلى الله وإلى رسوله ، ثم إلى عبد الله بن مسعود ، وابنه الزبير بن العوام عبد الله ، وأنهما في حل وبل فيما وليا وقضيا ، وأنه لا تزوج امرأة من بنات عبد الله إلا بإذنهما . وروى قال : كان في وصية ابن عبد البر : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما أوصى به أبي الدرداء ، أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن أبو الدرداء محمدا عبده ورسوله ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأنه يؤمن بالله ويكفر بالطاغوت ، على ذلك يحيا ويموت ، إن شاء الله ، وأوصى فيما رزقه الله تعالى ، بكذا وكذا ، وأن هذه وصيته إن لم يغيرها .