( 4605 ) مسألة قال : ( ومن أوصى لغير وارث بأكثر من الثلث  ، فأجاز ذلك الورثة بعد موت الموصي ، جاز ، وإن لم يجيزوا ، رد إلى الثلث ) وجملة ذلك أن الوصية لغير الوارث تلزم  في الثلث من غير إجازة ، وما زاد على الثلث يقف على إجازتهم ، فإن أجازوه جاز ، وإن ردوه بطل . في قول جميع العلماء . والأصل في ذلك { قول النبي صلى الله عليه وسلم  لسعد  حين قال : أوصي بمالي كله ؟ قال : لا . قال فبالثلثين ؟ قال : لا . قال : فبالنصف ؟ قال : لا . قال : فبالثلث ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير   } . وقوله عليه السلام {   : إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم   } . يدل على أنه لا شيء له في الزائد عليه . وحديث  عمران بن حصين  في المملوكين الذين أعتقهم المريض ، ولم يكن له مال سواهم ، فدعا بهم النبي صلى الله عليه وسلم فجزأهم ثلاثة أجزاء ، وأقرع بينهم ، فأعتق اثنين ، وأرق أربعة ، وقال له قولا شديدا ، يدل أيضا على أنه لا يصح تصرفه فيما عدا الثلث ، إذا لم يجز الورثة ، ويجوز بإجازتهم ; لأن الحق لهم . والقول في بطلان الوصية بالزائد عن الثلث ، كالقول في الوصية للوارث ، على ما ذكرنا . وهل إجازتهم تنفيذ أو عطية مبتدأة  ؟ فيه اختلاف ذكرناه في الوصية للوارث . والخلاف فيه مبني على أن الوصية به ، أو العطية له ، في مرض الموت المخوف ، صحيحة موقوفة على الإجازة ، أو باطلة ؟ فظاهر المذهب أنها صحيحة ، وأن الإجازة تنفيذ مجرد ، لا يكفي فيه قول المجيز : أجزت ذلك . أو أنفذته . 
أو نحوه من الكلام ، ولا يفتقر إلى شروط الهبة . ويتفرع عن هذا الخلاف أنه لو أعتق عبدا لا مال سواه في مرضه ، أو وصى بإعتاقه ، فأعتقوه بوصيته  ، فقد نفذ العتق في ثلثه  [ ص: 63 ] ووقف عتق باقيه على إجازة الورثة ، فإن أجازوه ، عتق جميعه ، واختص عصبات الميت بولائه كله ، إذا قلنا بصحة إعتاقه ووصيته . وإن قلنا : هي باطلة ، والإجازة عطية مبتدأة . اختص عصبات الميت بثلث ولائه ، وكان ثلثاه لجميع الورثة بينهم على قدر ميراثهم ; لأنهم باشروه بالإعتاق . وكذلك لو تبرع بثلث ماله في مرضه ، ثم أعتق ، أو وصى بالإعتاق  ، فالحكم فيه على ما ذكرنا . ولو أوصى لابن وارثه بعد تبرعه بثلث ماله ، أو أعطاه عطية في مرضه ، فأجاز أبوه وصيته وعطيته ، ثم أراد الرجوع فيما أجازه ، فله ذلك إن قلنا : هي عطية مبتدأة . وليس له ذلك على القول بأنها إجازة مجردة . ولو تزوج رجل ابنة عمه ، فأوصت له بوصية أو عطية في مرض موتها ، ثم ماتت وخلفته وأباه  ، فأجاز أبوه وصيته وعطيته ، فالحكم فيه على ما ذكرنا . ولو وقف في مرضه على ورثته ، فأجازوا الوقف  ، صح إن قلنا : إجازتهم تنفيذ . ولم يصح إن قلنا : هي عطية مبتدأة . ولأنهم يكونون واقفين على أنفسهم . ولا فرق في الوصية بين المرض والصحة ، وقد روى  حنبل  ، عن  أحمد  ، أنه قال : إن أوصى في المرض فهو من الثلث ، وإن كان صحيحا فله أن يوصي بما شاء . يعني به العطية . قاله  القاضي    . أما الوصية فإنها عطية بعد الموت فلا يجوز منها إلا الثلث على كل حال . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					