( 4695 ) فصل ; أحدها ، أن يقف نفوذها على خروجها من الثلث أو إجازة الورثة . الثاني ، أنها لا تصح لوارث إلا بإجازة بقية الورثة . الثالث ، أن فضيلتها ناقصة عن فضيلة الصدقة في الصحة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أفضل الصدقة قال : { : وحكم العطايا في مرض الموت المخوف ، حكم الوصية في خمسة أشياء } متفق عليه . أن تصدق وأنت صحيح شحيح ، تأمل الغنى وتخشى الفقر ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ، ولفلان كذا ، وقد كان لفلان
ولفظه : قال رجل : يا رسول الله : أي الصدقة أفضل ؟ قال : " أن تصدق وأنت صحيح حريص " . الرابع ، أنه يزاحم بها الوصايا في الثلث . الخامس ، أن خروجها من الثلث معتبر حال الموت ، لا قبله ولا بعده . ; أحدها ، أنها لازمة في حق المعطي ليس له الرجوع فيها . وإن كثرت ، ولأن المنع على الزيادة من الثلث إنما كان لحق الورثة ، لا لحقه ، فلم يملك إجازتها ولا ردها ، وإنما كان له الرجوع في الوصية . ويفارق الوصية في ستة أشياء
لأن التبرع بها [ ص: 101 ] مشروط بالموت ، ففيما قبل الموت لم يوجد التبرع ولا العطية ، بخلاف العطية في المرض ، فإنه قد وجدت العطية منه ، والقبول من المعطي ، والقبض ، فلزمت كالوصية إذا قبلت بعد الموت وقبضت . الثاني ، أن قبولها على الفور في حال حياة المعطي وكذلك ردها ، والوصايا لا حكم لقبولها ولا ردها إلا بعد الموت ; لما ذكرنا من أن العطية تصرف في الحال ، فتعتبر شروطه وقت وجوده ، والوصية تبرع بعد الموت ، فاعتبر شروطه بعد الموت
الثالث ، أن العطية تفتقر إلى شروطها المشروطة لها في الصحة ; من العلم ، وكونها لا يصح تعليقها على شرط وغرر في غير العتق ، والوصية بخلافه . الرابع ، أنها تقدم على الوصية ، وهذا قول ، وجمهور العلماء . وبه قال الشافعي ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، إلا في العتق ، فإنه حكي عنهم تقديمه ، لأن العتق يتعلق به حق الله تعالى ، ويسري وقفه ، وينفذ في ملك الغير ، فيجب تقديمه . ولنا ، أن العطية لازمة في حق المريض ، فقدمت على الوصية ، كعطية الصحة . وزفر
ولأنها عطية بثمرة ، فقدمت على العتق ، كعطية الصدقة ، وكما لو تساوى الحقان . الخامس ، أن العطايا إذا عجز الثلث عن جميعها ، بدئ بالأول فالأول ، سواء كان الأول عتقا أو غيره . وبهذا قال ، وقال الشافعي : الجميع سواء إذا كانت من جنس واحد ، وإن كانت من أجناس ، وكانت المحاباة متقدمة قدمت ، وإن تأخرت سوي بينها وبين العتق ، وإنما كان كذلك ، لأن المحاباة حق آدمي على وجه المعاوضة ، فقدمت ، إذا تقدمت ، كقضاء الدين ، وإذا تساوى جنسها سوي بينها ; لأنها عطايا من جنس واحد ، تعتبر من الثلث ، فسوي بينها ، كالوصية أبو حنيفة
وقال ، أبو يوسف : يقدم العتق ، تقدم أو تأخر . ولنا ، أنهما عطيتان منجزتان ، فكانت أولاهما أولى ، كما لو كانت الأولى محاباة عند ومحمد ، أو عتقا عند صاحبيه . ولأن العطية المنجزة لازمة في حق المعطي ، فإذا كانت خارجة من الثلث ، لزمت في حق الورثة ، فلو شاركتها الثانية ، لمنع ذلك لزومها في حق المعطي ; لأنه يملك الرجوع عن بعضها بعطية أخرى ، بخلاف الوصايا ، فإنها غير لازمة في حقه ، وإنما تلزم بالموت في حال واحدة ، فاستويا لاستوائهما في حال لزومهما ، بخلاف المنجزتين أبي حنيفة
وما قاله في المحاباة غير صحيح ، فإنها بمنزلة الهبة ، ولو كانت بمنزلة المعاوضة أو الدين لما كانت من الثلث . فأما إن وقعت دفعة واحدة ، كأن وكل جماعة في هذه التبرعات ، فأوقعوها دفعة واحدة ، فإن كانت كلها عتقا أقرعنا بينهما ، فكملنا العتق كله في بعضهم ، وإن كانت كلها من غير العتق ، قسمنا الثلث بينهم على قدر عطاياهم ، لأنهم تساووا في الاستحقاق ، فقسم بينهم على قدر حقوقهم ، كغرماء المفلس
وإنما خولف هذا الأصل في العتق ، لحديث ، ولأن القصد بالعتق يكمل الأحكام ، ولا تكمل الأحكام إلا بتكميل العتق بخلاف [ ص: 102 ] غيره ، ولأن في قسمة العتق عليهم إضرارا بالورثة والميت والعبيد ، على ما يذكر في موضعه . وإن وقعت دفعة واحدة ، وفيها عتق وغيره ، ففيه روايتان ; إحداهما ، يقدم العتق لتأكيده . والثانية ، يسوى بين الكل ; لأنها حقوق تساوت في استحقاقها ، فتساوت في تنفيذها ، كما لو كانت من جنس واحد ، وذلك لأن استحقاقها حصل في حالة واحدة عمران بن حصين
السادس ، أن الواهب إذا مات قبل تقبيضه الهبة المنجزة ، كانت الخيرة للورثة ، إن شاءوا قبضوا ، وإن شاءوا منعوا ، والوصية تلزم بالقبول بعد الموت بغير رضاهم .